حينما نتحدث عن مهرجان الملوك ضمن موسم نادي سباقات الخيل، فإننا نسلط شيئا من الضوء على مسيرة قادة أفذاذ، وملوك ميامين، تمكنوا في سنوات معدودة من النهوض بالبلاد من حالة التخلف والفقر، إلى مراتب العلم والاستقرار والرخاء، وجعلوا من بلاد الحرمين الشريفين أنموذجاً يحتذى به، ولقد ورث القادة الفرسان عن والدهم المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حب الخيل، فأولاها كل منهم عنايته الخاصة حتى غدت ماهي عليه الأن من مكانة، فجاء مهرجان الملوك يحمل رسالة شكر ووفاء من الأبناء والأحفاد للأباء والأجداد الذين افنوا العمر في خدمة الدين والوطن الذي نعيش على ترابه، ونستظل بظله، وننعم بخيره.
الملك سعود وبداية السباقات
غير خاف على الكثير من الناس أن الملك عبدالعزيز المؤسس -طيب الله ثراه- هو أول من أهتم بسباقات الخيل التي كانت تنطلق من قصره في المربع إلى أقصي نقطة في حي الملز “كلية الملك فيصل الجوية” وحينما آلت الأمور لنجله الملك سعود الذي كان يتابع السباقات من دكة كان والده يجلس فيها لمتابعة السباقات ثم أمر بإنشاء أول منصة حديثة لسباقات الخيل كانت نواة لإنشاء ميدان سباقات الخيل التاريخي في حي الملز والذي يعرف الأن بحديقة الملك عبدالله بجوار ستاد الأمير فيصل بن فهد حيث كانت السباقات في عهده تقام لمسافات طويلة، وكان المتسابقون يجلسون على صها الجياد مباشرة دون سروج كما الحال الأن، وكانت السباقات تفام بشكل أسبوعي حيث يتواجد الملك في الرياض أو جدة التي أنشأ فيها منصة لسباقات الخيل لازالت قائمة ليومنا هذا، وعرف عن الملك سعود -رحمه الله- أنه من القادة الذين إمتطوا صها الجياد في مراحل تأسيس الدولة.
الملك سعود بن عبدالعزيز
ثاني أبناء المؤسس وملوك الدولة السعودية الثالثة، بعد استقرار الحكم لوالده الملك المؤسس اختاره وليا لعهده، وبويع ملكاً للبلاد خلفاً لوالده في 9 نوفمبر 1953م إلى 2 نوفمبر 1964، ولد بالكويت في 15 يناير 1902م وتوفي في 23 فبراير 1969م.
شكل في عهده أول مجلس وزراء، وبدأ في توسعة الحرمين الشريفين، أنشئت أول جامعة ووزارة للتعليم (المعارف)، أقيمت أول بطولة كروية تحت رعايته، شجع على إقامة سباقات الخيل.
الملك فيصل ونادي الفروسية
يحفظ التاريخ للملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- أنه أول من وضع أساس الدولة السعودية الحديثة بما سنه من أنظمة وقوانين إرتكزت عليها الدولة، وعمل إخوته وخلفاؤه على تطويرها للنهوض بالبلاد، ففي عهده بدأت رحلة الرياضة في التطور، حيث انشأ الملاعب والصالات الرياضية الحديثة في العديد من المدن الرئيسة، حتى أنشئ نادي الفروسية عام 1965م وأفتتحه في عام 1967م، وبدأت رحلة سباقات الخيل السعودية الحديثة القائمة على أنظمة وقوانين حددت المسافات، والشروط، واستخدمت الوسائل الحديثة في الركوب وفي انطلاقة الخيل للسباقات التي كانت تقام أسبوعياً وبجوائز محددة، ويعد الملك فيصل أيضا من الملوك والقادة القلائل في العصر الحديث الذين امتطوا صها الجياد في قيادة الجيش ضمن المهام العسكرية الموكلة اليه في فترة تأسيس المملكة.
الملك فيصل بن عبدالعزيز
ثالث ملوك الدولة (14 ابريل 1906 – 25 مارس 1975)، اختاره المؤسس نائباً له على الحجاز، تولى أمور شؤون الدولة الخارجية،
عام 1953 اصبح وليا للعهد، عام 1960 رئيسا لمجلس الوزراء، وتولى الحكم عام 1964م، عمل على وضع الأسس للدول السعودية الحديثة، افرت في عهده اول خطة تنمية في البلاد عام 1970، أنشاء كلية الملك فيصل الجوية بالإضافة للعديد من الجامعات والمؤسسات الطبية، انشأ الضمان الاجتماعي ومدارس تعليم البنات، أذن بافتتاح التلفزيون السعوي عام 1965، كان المدافع الأول عن الدين الإسلامي أمام المد الشيوعي، صاحب قرار قطع البترول عن الغرب في حرب 73.
الملك خالد وتطوير السباقات
الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- هو رابع ملوك الدولة السعودية الثالثة وامتدت فترة حكمه سبع أعوام شهدت طفرت اقتصادية غير مسبوقة في البلاد وفي منطقة الخليج تحديداً، حيث انهمر الخير على البلاد التي توسعت في مشاريع التنمية الاقتصادية، والعمرانية، والتعليمية فشيدت المطارات ومنها مطار الملك عبدالعزيز بجدة، ومطار الملك خالد بالرياض، وتضاعف عدد الجامعات بافتتاح جامعة الملك فيصل بالإحساء، وأم القرى بمكة، كما ارتفع عدد مدارس التعليم العام ضعفين عما كانت عليه، وعبدت الطرق السريعة، وشيدت المستشفيات الكبيرة والمراكز الصحية، ودخلت البلاد في عهده صناعة البتروكيماويات من خلال الهيئة الملكية للجبيل وينبع الصناعيتين وقامت الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”.
وفي مجال الرياضة فقد أقيم أول دوري لكرة القدم في عهده والذي كان من كبار محبي سباقات الخيل والهجن ومن عشاق رياضة القنص بالصقور، وعلى يديه جرى تحديث كامل لنادي الفروسية في الملز وتضاعفت الجوائز مما ساهم في تطور السباقات، وأهتم بالخيل المهجنة وإنتاجها والمعروفة بسرعتها العالية وتطوير سلالاتها، وتنظيم سباقاتها ودعمها.
الملك خالد بن عبدالعزيز
ولد الملك خالد في 13 فبراير 1913م وتوفي يوم 13 يونيو 1982م بمدينة الطائف عن عمره 69 سنة، اختير ولياً للعهد أوائل عام 1965م، وبويع ملكاً يوم 23مارس 1975م، شهدت البلاد في عهده طفرة اقتصادية لا مثيل لها حيث أنشاء صناديق التنمية المختلفة، وأمر بتوسيع البعثات التعليمية، وهو من المؤسسين لمجلس التعاون الخليجي، ودعا إلى عقد القمة الإسلامية بمكة المكرمة والطائف، وفي ظله أنشئ جسر السعودية البحرين الذي ربط البرين.
الملك فهد رجل التحديات والرياضة
على الصعيد الرياضي وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- انطلقت الرياضة السعودية وكرة القدم من نطاق المحلية لتتربع على عرش الكرة الأسيوية، والانطلاق إلى فضاء العالمية بقوة بين المنتخبات العربية، كما حققت إنجازات أخرى على الصعيدين العربي والخليجي.
افتتح دورة كاس الخليج العربي الثامنة وإستاد الملك فهد 1988م، وافتتح كاس العالم للشباب 1989م، وأقيم في عهده دورة الألعاب الإسلامية في كل من مكة، المدينة، جدة والطائف، كما حققت منتخبات المملكة في ظله كأس أمم أسيا وسنغافورا 84، الدوحة 88، الإمارات 96، وتأهل المنتخب لكأس العالم أمريكا 94 فرنسا 98 وتأهلنا لأولمبياد لوس أنجلس 84، وأتلانتا 96، ويكتب للملك فهد أنه صاحب قرار إقامة سباقات كأسي الملك وولي العهد على شوطين الأول للإنتاج المحلي والثاني للخيل المستوردة على مسافة 3200متر، كما امر برفع قيمة جوائز السباقات.
الملك فهد بن عبدالعزيز
ولد بالرياض 1 أغسطس 1924م وتوفي في 1 أغسطس 2005م، كان أول وزير للمعارف عام 1953م، وعين وزيرًا للداخلية عام 1962م، وعين نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء عام 1967م، بالإضافة إلى قيامه بمسؤوليات وزارة الداخلية. وفي 25 مارس 1975م عين وليًا للعهد وأسند إليه منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
تولي الملك فهد الحكم 13 يونيو 1982م بعد وفاة الملك خالد بن عبد العزيز، افتتح مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة 30 أكتوبر 1984م، واستبدل لقب “جلالة الملك” بـ”خادم الحرمين الشريفين”، وأنشأ عام 1994م وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وفي عام 2000م أقام وزارة الخدمة المدنية لتحل مكان الديوان العام للخدمة المدنية، وافتتح مطار الملك خالد الدولي في الرياض، ومطار الملك فهد الدولي في الدمام.
ومن اهتمامه -رحمه الله- بالحرمين الشريفين.. أمر بتوسعة المسجد الحرام في مكة من جهة الغرب بين بابي الملك عبد العزيز والعمرة بالإضافة إلى ترميم الكعبة، كما أمر بتوسعه المسجد النبوي من جهة الشمال والشرق والغرب، وبتوسعة مقبرة البقيع، كما اهتم بالمشاعر المقدسة وبضيوف الرحمن الذي ظل يشرف بنفسه على خدمتهم والعناية بهم من قصر منى، وأنشاء وقف للحرمين الشريفين حمل اسم «وقف الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن» ومقره مكة.
افتتح طريق مكة المكرمة – المدينة المنورة السريع والذي بلغ طوله 480 كم تقريبًا، وافتتح مستشفى الملك خالد للعيون، وأقر النظام الأساسي للحكم، وهو بمثابة الدستور، وهو صاحب القرار التاريخي بتحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991م، حافظ على استقرار البلاد وتصدى للمد الإيراني في المنطقة، واطلق المبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية.
