مقالات رأي

أثير السادة يكتب عن آسيا التي لا تحب كرة اليد

 

 

إذا كانت المدارس قد علمتنا بأن آسيا هي أكبر قارة في هذا العالم، تتفوق على القارات الأخرى بمساحة اليابسة، وعدد السكان، فإن البطولات القارية قد عرفتنا أنها أقل القارات حباً لكرة اليد، كلما أطلت مناسبة كبرى للأندية وجدنا الحضور الباهت لهذه الدول، واستئثار الدول المطلة على الخليج العربي بالحصة الكبرى من هذا الحضور..هذا ما ترويه لنا البطولة الآسيوية للأندية التي تقام حالياً في الدوحة، وهي تقدم لنا بطولة خليجية خالصة، بعد اعتذار الفريق الاوزبكستاني عن البطولة قبل إجراء القرعة، لتنطلق البطولة بمشاركة تسعة فرق تمثل الكويت وقطر والسعودية والبحرين وإيران..لم تكن هذه البطولة استثناءً، فقد شهدت البطولة التي جرت في الموسم الفائت تذبذباً في عدد الدول المشاركة، وربما بدت في صورة دول الخليج ومن يعز عليها بحضور فريق هندي آنذاك..المثير للاهتمام أن دولاً مثل كوريا الجنوبية واليابان تمثل وزنا رياضيا في البطولات القارية والدولية على مستوى المنتخبات، وهي كانت ومازالت تحتفظ بمواقع متقدمة على مستوى البطولة القارية، قد تتراجع في الترتيب من بطولة لأخرى، لكنها سرعان ما تعود، غير أنها تعزف في غالب الوقت عن المشاركة بأنديتها ضمن هذه المسابقات.

 

 

 

تاريخ الاتحاد الآسيوي لكرة اليد هو الآخر يحدثنا عن ولادة خليجية للفكرة، حين تأسست قبل خمسين عاماً في طهران، بمبادرة كويتية، لتختار مقرها الدائم منذ ذلك الحين في دولة الكويت، منذ أن فتحت دول الخليج أعينها على هذه اللعبة في السبعينيات، وهي تجتهد في السعي للاحتفاظ بها وبألقابها، إلى الحد الذي نجحت في الحضور مراراً ضمن بطولة العالم لكرة اليد، حضور عالمي يتجاوز في شكله ونوعه باقي الألعاب الجماعية الأخرى.

 

 

 

ستبدو أي مقارنة لهذه البطولات الآسيوية بالبطولات الأوروبية ضرباً من المزاح، المحلية منها والقارية، حيث الحرص المستمر على جعل هذه الرياضة امتيازاً أوروبياً، تماماً كما هي رياضة كرة القدم، يكفي أن تلقي نظرة على موقع الاتحادين، وتقارن، وقبل مقارنة البطولات التي ينظمها ويديرها كل اتحاد، المسافة واضحة، والفوارق كبيرة، على مستوى التنظيم، والحماسة، والجودة، والحوافز المالية.

 

 

 

الاتحاد الآسيوي الذي جعل من نشر وتنمية اللعبة في القارة ورفع مستواها في قائمة أهدافه مازال يحتاج الكثير ليعمله حتى يقنع هذه القارة بجماليات اللعبة، وقبل ذلك بقابليتها لتتحول إلى لعبة شعبية على غرار كرة القدم وكرة السلة داخل بلدان القارة، ترتيب الألعاب الأكثر شعبية في دول القارة لا يبدو متشابهاً، وهذا ما يفسر طبيعة التباين في طريقة التعامل مع لعبة كرة اليد، ويفسر كذلك تقسيم الاتحاد الآسيوي للبلدان إلى مستويات على مستوى العضوية، كدلالة على الفوارق في الاهتمامات عند الاتحادات المحلية والإقليمية فيها.

 

 

 

العمل ينبغي أن يبدأ من أفراد مجلس إدارة الاتحاد، فوجود مسئول ياباني على قمة رئاسة الاتحاد مثلاً ينبغي أن يترجم إلى جهود حقيقية في دفع الفرق اليابانية للمشاركة في بطولات الأندية، ومثله يقال للأعضاء الذين يمثلون الأردن والصين وكوريا والدول الأخرى التي اعتادت أن تأنى بنفسها عن المشاركة في البطولة، من أجل أن لا تختزل القارة في كل مناسبة على الدول المتشاطئة في الخليج.

 

 

 

هذا أضعف الإيمان، وأقوى الإيمان هو التفكير في جدية بنقل مقر الاتحاد وإدارته من الكويت إلى دولة أخرى، كقطر على سبيل المثال، التي تحظى قدراتها التنظيمية بتقدير دولي، وتملك رصيداً مهماً في إدارة الأنشطة الرياضية، فضلاً عن التسهيلات والبنية التحتية التي بإمكانها رفع سقف الطموحات للبطولات القارية، وكذلك إعادة النظر في الحوافز المالية للبطولات، فحتى اللحظة لم أجد أي إشارة في لوائح الإتحاد تشير إلى تخصيص مبالغ مالية كجوائز للفائزين في البطولة الآسيوية للأندية، وهذا يجعلها تشبه دورة خيرية لا أكثر، ويجعل من الفرق المتسابقة تفكر ملياً قبل الموافقة بالمشاركة والدخول فيها، طالما كانت العوائد المادية المنتظرة غير موجودة.

وبس.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com