مايكل فوزي يكتب “المنتخبات العربية ومنجزات الصدفة”
قبل عام 2002، لو نظرت إلى منتخب بلجيكا، لما وجدته على الخريطة الكروية وسط منتخبات أوروبا. لم يحقق أي ميدالية في منافسات كأس العالم، وأقصى ما وصل إليه المنتخب البلجيكي كان المركز الرابع في عام 1986.
على مستوى المنافسات القارية، حقق المركز الثالث عام 1972 بالنظام القديم، حين كان عدد المشاركين 4 فرق فقط. وحقق المركز الثاني عام 1980 عندما كان عدد المشاركين 8 فرق، أي قبل النظام الحديث للبطولة. وفي بطولة 2000، خرج المنتخب البلجيكي من الدور الأول بعد الهزيمة من تركيا بهدفين دون مقابل، والمشكلة أن الأداء كان الأسوأ…
هنا جاء القرار، وبدأ المسؤولون بتكليف ميشيل سابلون بوضع خطة واستراتيجية لإنشاء منتخب قوي يبدأ من قطاع الناشئين.
كان سابلون لاعبًا متواضعًا في السبعينيات، لكنه عمل مدربًا مساعدًا في نهائيات كأس العالم أعوام 1986، 1990، و1994.
اتجه سابلون للعلم، وآمن بأن التغيير يبدأ من الناشئين، فاتخذ الخطوات التالية:
1. تحليل 1500 ساعة من لقطات مباريات الناشئين بمساعدة 6 متخصصين، مع التركيز على الموهبة في كيفية التسليم والتسلم، والكرات الطويلة، والمهارة.
2. وضع طريقة لعب موحدة، كما تفعل “لاماسيا” في برشلونة، فغيّر الاعتماد على خطة 3-5-2 إلى 4-3-3 وجعلها إلزامية في مدارس الكرة وقطاعات الناشئين. كما اعتمد اللعب بخمسة لاعبين، ثم سبعة لاعبين، ليكتسبوا المهارة.
3. الاهتمام بالمميزين الذين ظهروا بشكل قوي مثل كيفين دي بروين وإيدين هازارد.
بدأت المعالم تتضح، حيث وصل هذا الجيل إلى نصف نهائي بطولة أوروبا تحت 17 عامًا، ثم المركز الرابع في أولمبياد بكين.
احتل المنتخب البلجيكي المركز الأول في التصنيف العالمي عام 2015، وحقق المركز الثالث في مونديال 2018.
قبل هذا المشروع، كان المنتخب البلجيكي قد وصل لتصنيف متقدم عام 2003، حيث احتل المركز الـ16، لكنه كان مجرد صدفة، مثلما حدث مع:
منتخب مصر في كأس القارات، عندما قدم أداءً رائعًا أمام البرازيل وإيطاليا، لكن في النهاية لم يحقق شيئًا لأنه كان إنجازًا ناتجًا عن طفرة أو صدفة.
منتخب الجزائر وما قدمه في كأس العالم 2014 كان أيضًا طفرة.
منتخب المغرب في مونديال قطر، وما حققه كان بسبب الصدفة، حيث لم يكن مخططًا تولي وليد الركراكي للمنتخب قبل المونديال. والأمثلة كثيرة…
منتخباتنا العربية تحتاج لتخطيط سليم يبدأ من قطاعات الناشئين، واختيار أسلوب لعب مناسب، ومدربين فنيين أكفاء، حتى نستمر على الساحة الرياضية بشكل دائم.
أخيرًا…
بالعلم، والتخطيط، واختيار الكفاءات، وتنمية الموهوبين، يمكننا بناء منتخبات قوية تستمر على القمة لفترة طويلة، وليس فقط نتيجة للصدفة.