مقالات رأي

عبدالله الحرازي يكتب “ولي في قطر أجمل الذكريات!”

 

 

كان نهار الأحد الماضي في العاصمة القطرية الدوحة مختلفًا بحالة الشمس والزمهرير، فقد كانت الشمس مشرقة، ونسمات نهاره باردة، لكنها عمرت القلوب بغيث من المحبة، والنفس بفيض من السعادة تحيا بها بقية العمر.

 

ولربما كان ذلك شعور الكوكبة الخاصة من المميزين الرياضيين، الإداريين، والإعلاميين، وحتى رجال المساهمات المجتمعية في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، الذين اعتاد الاتحاد العربي للثقافة الرياضية في السنوات الست الأخيرة على تكريمهم، متفردًا بجوائزه عما سواه من المنظمات والهيئات الرياضية والاجتماعية العربية وغير العربية، فهي جوائز تمنح للمميزين، ومن المميزين تنتقي المبدعين والمتفوقين وفق معايير العطاء، والأداء، والأخلاق، والالتزام بالقيم – فنحن أمة وسطًا اعتلت المجد بالمبادئ، وسادت العالم بالأخلاق والقيم السوية، وجاء الدين الإسلامي ليتمم في أبنائها عبر الزمن مكارم الأخلاق، والتي يدعو إليها الآن الاتحاد العربي للثقافة الرياضية، ويخوض من أجلها أصعب مواجهة مع التعصب الرياضي، الذي ينشره الإعلام المرئي بعدد ثواني الدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين عبر العشرات من البرامج والمئات من القنوات الرياضية وغير الرياضية بحثًا عن الربح بمتفرجين أكثر (!!)، ولا حول ولا قوة إلا بالله، متناسين ومتجاهلين أن الكلمة تدمر ما تعجز عنه الحروب، وأن الرسالة أمانة تبرأت منها السماوات والأرض والجبال، والشباب هو مستقبل الأوطان وسواعدها البانية.

 

إن الحديث يطول، والشكوى تزداد مرارة في الحلق مما يجري، والحال لا يسر قريبًا، لعلنا نخوض في أعماقه في قادم الأيام، ونكتفي الآن بالتلميحات السابقة، ونعود لعنوان الموضوع “ذكرياتي في قطر”، التي زرتها أول مرة في عام 1988 مرافقًا للمنتخب السعودي المدافع عن لقبه كبطل لكأس أمم آسيا، التي بقيت سعودية للمرة الثانية، ومن أرض الدوحة انطلقت مسيرات الفرح لتنتشر في كل أرجاء المملكة، وكانت فرحتي حينها فرحتين: فوز الأخضر بالكأس كوني واحدًا من فريق العمل، ثم حصولي على لقب “أفضل صحفي في كأس أمم آسيا” في استفتاء أجرته صحيفة الراية القطرية، وكانت تلك أول جائزة أحصل عليها في مسيرتي الإعلامية.

 

وعدت إلى الدوحة في عام 1993 لتغطية أصعب تصفيات كروية آسيوية، بل عالمية، في كأس العالم، بسبب الأجواء “الجيوسياسية” التي خلفتها الثورة الإيرانية، وحرب إيران مع العراق، وغزو العراق للكويت، فقد كانت المنتخبات تحمل على أكتافها جبالًا من الهموم والضغوطات السياسية، التي ربطت الرياضة بالسياسة، وجعلت من الخسارة الكروية أم الهزائم (!!). أما الإعلام في تلك التصفيات، فقد كان كمن يرقص على رؤوس الثعابين، ويسير على النار المشتعلة بأقدام حافية، وبالرغم من ذلك كله، فقد تأهل الأخضر السعودي إلى “كأس العالم أمريكا 94” لأول مرة، ونالني من بركات التأهل حظًّا وافرًا بالسفر إلى أمريكا والمشاركة في المونديال للمرة الثانية، إذ كانت الأولى في إيطاليا 90، وحصلت عليها بالسمعة الحسنة لجريدة المدينة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، ولها قصة سأوردها للقارئ الكريم في مذكراتي إن شاء الله.

 

وهذا الأسبوع عدت إلى الدوحة لاعتلاء منصة التتويج والتكريم والتقدير بجائزة الاتحاد العربي للثقافة الرياضية 2024 – فرع الإعلام، مع أربعة من الزملاء من قطر، العراق، تونس، والإذاعة السعودية، في حفل بهيج حضره ثلاثة من وزراء الشباب والرياضة العرب من مصر، فلسطين، ولبنان، ومعهم ثلاثة من كبار المسؤولين في جامعة الدول العربية، ورعاه وزير الشباب والرياضة القطري.

 

ومن الصدف أن يقام الحفل في منطقة “سباير”، التي ترمز إلى التفوق القطري في العمل الرياضي، وتحتضن بين جنباتها استاد خليفة الدولي، أول ملعب حديث في قطر، استضاف كأس أمم آسيا 88، وتصفيات كأس العالم 93، لكنه تغير تمامًا مع احتضان قطر لأرقى وأجمل نسخة في كأس العالم “قطر 2022”.

 

وأدرك تمامًا أنني قد أسهبت، والحديث لم ينتهِ، وهناك رجال ومؤسسات تستحق منا الشكر في هذا المقام، في طليعتهم الاتحاد العربي للثقافة الرياضية، صاحب الجائزة “الأجمل والأرقى والأحسن”، كونها تدعو إلى التحلي بالأخلاق، والتحفيز من أجل التفوق، وحث المؤسسات والأفراد على الإبداع وتقديم الأفضل في ميادين الرياضة، والفكر الرياضي، والخدمات الاجتماعية والإنسانية، وهي أعمال يقدرها ويثمن قيمها مجلس أمناء الجائزة برئاسة الأستاذ محمد المانع، بعيدًا عن العواطف والانتماءات اللونية للأندية والمنتخبات، التي تتحكم في عواطفنا كمشجعين وإعلاميين، وحتى في الانتماء للأوطان.

 

والشكر موصول لإدارة الاتحاد بقيادة الزميل الإعلامي أشرف محمود، الذي آمن بالرسالة وقدسية الهدف، وعمل على تحقيقه، وكانت اللجنة المنظمة للدورة الحالية في قطر، بقيادة الأستاذ محمد المانع، خير معين بما قدمته من تسهيلات وإمكانات لم تعد مستغربة على بلد قدمت النسخة الأفضل في تنظيم كأس العالم، ومن قبلها الألعاب الآسيوية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com