علي حسين أشكناني يكتب “قطر … عاصمة الطاولة من جديد”

بعد 21 عامًا من استضافة بطولة العالم لكرة الطاولة للمرة الأولى في عام 2004، تعود قطر مجددًا إلى دائرة الأضواء العالمية، لتحتضن نسخة 2025 من البطولة ذاتها، ولكن هذه المرة بحجم أكبر، وباحترافية تنظيمية لا تُضاهى، وسط توقعات بمشاركة قياسية من 227 دولة، وحضور جماهيري غير مسبوق، نفدت معه تذاكر الأدوار النهائية بالكامل حتى قبل انطلاق المنافسات.
ما بين نسخة 2004 ونسخة 2025، تتبدل المعطيات ويتغير المشهد الرياضي العالمي، لكن ما لم يتغير هو قائد كتيبة التنظيم، الأستاذ خليل بن أحمد المهندي، الذي لا يزال يمثل قاسمًا مشتركًا في قصتي النجاح. فمنذ أكثر من ثلاثة عقود، بدأ رحلته مع تطوير اللعبة محليًا وإقليميًا، واليوم يقود الحلم القطري إلى العالمية مجددًا من بوابة التنظيم المتميز والطموح الكبير، مرشحًا نفسه بقوة، بل كأوفر حظًا، لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة الطاولة.
نجحت قطر في تقديم عرض افتتاحي مبهر، إذ استُخدم المسرح المفتوح في “قطر مول” كساحة لحفل سحب القرعة في مشهد غير تقليدي، محاط بالأضواء والجماهير، ومفعم بالحيوية. ولم يكن مجرد حفل بروتوكولي، بل جسّد توجهًا عصريًا لجعل الرياضة قريبة من الناس. التعويذة الرسمية “سريع وسريعة”، بزيّهما القطري التقليدي، كانت لفتة ذكية تمزج بين الأصالة والحداثة، وتعيد تعريف الهوية الثقافية للبطولة.
لكن ما يجعل هذه النسخة مختلفة فعلًا هو الابتكار والرؤية. استخدام طاولات باللون العنابي “المارون” لأول مرة في تاريخ اللعبة، يضع قطر في موقع صانع التغيير، لا مجرد المضيف. في وقتٍ اكتفت فيه البطولات السابقة بالألوان الكلاسيكية، تأتي قطر لتُضيف بصمتها الخاصة، في رمزية ذكية تعكس لون علم الدولة وتُكرّس حضورها في وجدان اللعبة عالميًا.
الرهان ليس فقط على التنظيم، بل أيضًا على التأثير. فالبنية التحتية الرياضية القطرية – بصالتي لوسيل والجامعة – تُكمل صورة البطولة المثالية، فيما تعزز الأرقام والمؤشرات هذا الطموح؛ تذاكر بيعت بالكامل، تغطيات إعلامية موسعة، وحضور جماهيري متوقع من مختلف القارات، وخاصة من بلدان مثل الصين وكوريا واليابان، وهو ما يخلق مناخًا اقتصاديًا وسياحيًا داعمًا للبطولة.
ولعل ما يضاعف من أهمية الحدث، تزامنه مع انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي في الدوحة نفسها، وقبيل عام واحد من الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس الاتحاد. كل الأنظار ستتجه إلى قطر، ليس فقط لتتبع مباريات البطولة، بل لترقّب نتائج انتخابات سيكون لها أثر طويل المدى على مستقبل اللعبة.
في كل سطر من هذه القصة، يتجلى إصرار قطر على ألا تكون مجرد محطة رياضية عابرة، بل علامة فارقة في تاريخ الرياضة العالمية. ومع وجود خليل المهندي على رأس المشروع، يتحول الطموح إلى واقع، والرؤية إلى حدث ملموس.
آخر نقطة..
نعم، هذه ليست بطولة عابرة… بل مشهد تاريخي يُكتب من جديد، وقطر تصنع عنوانه الأبرز: “هنا تُلعب الطاولة… وهنا يُصنع التاريخ”.