مقالات رأي

 إبراهيم البارقي يكتب:”زعامة الهلال بين الواقع والتضخيم”

 

 

بادئ ذي بدء، أتقدم بالتهاني والتبريكات لنادي الأهلي السعودي على حصوله على بطولة النخبة الآسيوية عن جدارة واستحقاق، مسجلًا أولوية جديدة وزعامة مختلفة باسم المجد الأهلاوي.

 

في هذا الجانب، نطرق اليوم باب الرأي حول قضية الزعامة الآسيوية، فمن يدقق في تاريخ المشاركات الآسيوية للأندية الخليجية على وجه الخصوص، بحكم تفوقها على باقي الأندية العربية الواقعة في القارة في عدد المشاركات في البطولات الآسيوية، يمكنه الحديث حول نادي الهلال السعودي، الذي يُغلب تصديره باعتباره “زعيم القارة”، لما حققه من ألقاب وبلوغه مراحل متقدمة أحيانًا في بعض المشاركات.

 

وعند البحث بقراءة متأنية لتفاصيل مسيرة الهلال في آسيا، نقف على حقيقة مغايرة خلاف تلك التي يبدو في ظاهرها تفوق يُجير للنادي العاصمي، وهذا قد لا يكون دقيقًا غالبًا، وإنما يحدث ذلك التصور وفق ما يطرحه الإعلام الأزرق مدعومًا بالهالة الكبيرة التي تُقدَّم للمدرج الهلالي على أنها حقيقة يتبناها المتلقي بشكل أو بآخر.

فالهلال، مع تعدد مشاركاته القارية منذ التسعينيات، لم يتمكن من تحقيق لقبه الأول في دوري أبطال آسيا بالنظام الحديث إلا في عام 2019، بعد سلسلة طويلة من المحاولات التي تعثّر فيها أمام أندية حديثة النشأة لا تملك تاريخًا ولا إمكانيات تشفع لها بنيل كأس البطولة أو حتى بلوغ ثمنها أو ربعها، كخسارته أمام ويسترن سيدني في نهائي 2014، وهو نادٍ لم يتم عامه الثالث، ثم السقوط أمام أوراوا الياباني في مشهدين متشابهين من الإخفاق، وكذلك خسارته أمام فريق لخويا القطري عام 2013، الذي تأسس عام 2009م.

 

وهنا يدفعنا التساؤل بهدوء عن ماهية الزعامة التي يتبناها عشاق اللون الأزرق كمفردة دارجة، بغير برهان واضح يؤكد أحقية اللقب بكل اقتدار.

ولعل ما يُميز مسيرة الهلال الآسيوية، ليس فقط ما قدمه على المستطيل، بل ما أُحيط به من ظروف جيدة خدمته وساهمت في تسهيل الطريق متى ما احتاج لذلك.

 

في نسخة 2020، انسحب الفريق من البطولة بعد تفشي إصابات كورونا في صفوفه، وكانت اللائحة واضحة بشأن عقوبات الانسحاب.

لكن الهلال، ولأسباب لا تزال في طي التقدير الإداري، لم يُعاقب، حتى إن صحيفة “الشرق الأوسط” حينها، أشادت بدور الأمين العام للاتحاد السعودي إبراهيم القاسم، الذي قاد تحركات فاعلة نجحت في إقناع الاتحاد الآسيوي بتجاوز الحدث وكأن شيئًا لم يكن.

تلك التحركات وصفتها الصحيفة بـ”المهنية العالية”، لكنها في الوقت ذاته أثارت تساؤلات في الوسط الرياضي عن مدى توافر نفس المساحة من المرونة لبقية الأندية في دائرة التمثيل الوطني.

 

هذا الحديث لا ينفصل عن تصريح سابق لعبد الخالق مسعود، عضو المكتب التنفيذي الآسيوي والرئيس الأسبق للاتحاد العراقي، الذي تحدث صراحة عن مساندته لنادي الهلال كي لا تطاله العقوبة المقررة.

كما لا يمكن نسيان ما يُحكى عن الدعم المعنوي الذي كان يتلقاه الهلال في فترات معينة من رموز رياضية ذات نفوذ إقليمي، كما في زمن الشيخ أحمد الفهد الصباح، الذي لم يفتر حماسه لمساعدة الهلال على التمثيل، خصوصًا في تلك السنوات التي كانت فيها تعثرات مؤلمة للهلاليين.

 

قد لا يكون مستغربًا أن نادٍ كبير مثل الهلال يجد من يدافع عنه في الأوقات الحرجة، فهكذا تُدار اللعبة أحيانًا.

لكن من المهم ألا تُختزل الحقيقة في الشعارات، فالتاريخ حين يُكتب بإنصاف، لا يكتفي بتوثيق الألقاب، بل يتوقف طويلًا عند الطريقة التي جاءت بها.

ومن كان طريقه مفروشًا بأكثر من الحظ، وربما أكثر من ذلك، لا يُلام على التتويج، لكنه يُسائل حين يُقدَّم على أنه النموذج المطلق للتفوق الرياضي، وعندما تتسق معايير الزعامة في قالب واحد دون البحث والتقصي عن استحقاقه للقب من عدمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com