يحيى العمودي يكتب:”26 عاماً.. ضاعت وسط الزحام”

رغم أن القيثارة الشرقية الخالدة، صوت الأرض طلال مداح، كان معروفاً باتحاديّته، إلا أنه لم يتوانَ عن مشاركة الأهلاويين أفراحهم في وقت فرحهم، وأغنيته التي غنّاها لـ”قمر تونس”، والتي كانت من كلمات زوجها الراحل لطفي زيني، أجدها وقد تهادت بلطف نسائمها نحو النادي الأهلي، لتقول للأهلاويين: “اليوم يمكن تقولي، يا نفس إنك سعيدة”.
نعم، نعم، وألف نعم، فهذه الأيام هي أسعد أيام المشجع الأهلاوي، أيّاً كان عمره، وتوجهه، ورأيه، وعقله، وعاطفته، وقِس على ذلك أي مؤشر آخر يتحكم فيه. فمنذ أن حقق الاتحاد باكورة بطولاته الآسيوية قبل 26 عاماً، تحديداً عام 1999م، والأهلي يُمنّي النفس بأن يحذو حذو جاره ويتربع على عرش آسيا. يخطو خطوة للأمام ويترنح عشراً للخلف، تعصف به المشاكل الداخلية، ويستيقظ على بطولات ضائعة، ثم فرح بالدوري والكأس والسوبر قبل تسع سنوات، فرحة أنسته الطريق الصحيح، وتاه بعدها حتى أضاع مستقر الدوري وهبط لمصاف الدرجة الأولى.
لكنه عاد كما لم يعد من قبل، وفرح كما لم يفرح من قبل، وانتصر لذاته، ولجماهيره، ولكبريائه كما لم ينتصر من قبل، وأعاد “الشغف” لجماهيره التي ظنّ بعضهم أنه لا خلاص ولا مناص من الابتعاد عن المنصات، فكان الاكتفاء بالمشاهدة المحلية، واختيار مخرج “ما لي في الكورة” هو الخيار الوحيد للهروب من الواقع المرير الذي عاشوه مع معشوقهم.
إلى أن ابتسمت لهم الدنيا، وشاءت الأقدار أن “تجبر بخواطرهم” بعد “سنوات الضياع”، وكما توقعت مسبقاً في مقالي السابق “آسيا سعودية”، ها نحن قد أسرنا أنظار القارة والعالم بأسره، وأريناهم كيف يكون التنظيم والعمل والأداء، وكيف ارتفع سقف الطموح لدى الأندية السعودية لنعود متسيّدين لآسيا كما كنا، وألف مبروك يا أهلي.
—
أضواء متفرقة:
حتى وإن كانت نخبة البطولة مجمعة في جدة، وإن كانت مختصرة، بسيطة، وذات مستوى فني ضعيف، فلا يمكن لأي فريق أن يحقق أي بطولة إلا بعمل جاد، قد يصاحبه أحياناً حظ وفير أو أخطاء تحكيم. وفي حالة الأهلي، لم نشاهد الحظ الوفير ولا مجاملة التحكيم، بل فرض الأهلي نفسه بطلاً للبطولة بكل استحقاق.
من قبل بداية النخبة الثمانية، والأهلي في “فورمة” معنوية عالية مصحوبة بانتصارات متتالية في الدوري، بعكس الهلال والنصر، وتحديداً الهلال الذي عاش أكثر فترات حياته تخبطاً في الخمس سنوات الأخيرة، وما هزائمه من الاتحاد والنصر والأهلي في ملعبه وبين جماهيره إلا جرس إنذار بأن خروجه من آسيا كان مجرد مسألة وقت.
من يقول إن هذه النسخة هي من أسهل النسخ الآسيوية، والتي لم يسافر فيها الأهلي إلى إيران أو اليابان أو أوزبكستان، ربما يكون محقاً، لكن أرني ماذا أنت فاعل بالنسخة القادمة، والتي ستكون على ذات النظام ونخبتها باستضافة سعودية كما حدث في هذا العام، واللي يقدر على الصعب، ما تصعب عليه صغارها.
دوري روشن كما لم يكن من قبل: اشتعال على الصدارة، وتنافس على مقعدين آسيويين قد يتقلصان لمقعد واحد خلف البطل، وجنون آخر نعيشه في الجهة المقابلة للهروب من شبح الهبوط، كل ذلك ولم يتبقَّ على نهاية الدوري سوى أربع جولات فقط، وشهر واحد وسنرى من هم أكبر الفائزين وأشد الخاسرين!!