مايكل فوزي يكتب:”أنت لست… برشلونة”

لو عدنا بالزمن إلى الوراء ٨ شهور، وسألتَ أيّ شخصٍ مشجّع لكرة القدم، أو محلّل، أو حتى متخصص في التدريب أو مدرّب: “ماذا تتوقّع لبرشلونة هذا الموسم؟”
سيكون ردّ أكثر المشجّعين تفاؤلًا:
“إن أعظم إنجاز قد يحقّقه هذا النادي، الذي لا يمتلك شيئًا، المُغرق في الديون، والمشاكل الاقتصادية، والقضايا التي تُثار من حين لآخر، ولا يمتلك إلا لاعبين صغارًا في السن بلا خبرات، والكبير منهم دون المستوى، وتشتّت في كل شيء، وخروج بموسم صفري بنتائج سيئة وهزائم كارثية وأداءٍ باهت… هو أن يضمن مقعدًا في دوري الأبطال، وبطولة صغيرة كالسوبر الإسباني تُعدّ إنجازًا كبيرًا.”
لكنّ المعجزة حدثت.
ففي خلال ثمانية شهور فقط، قدّم هذا الفريق أمتع كرة قدم في العالم، وتُوّج بثلاثية محلّية، وكان قريبًا من الوصول إلى نهائي دوري الأبطال، لولا تفاصيل – من ضمنها التحكيم – هي من أخرجته من تلك البطولة.
قدّم أداءً جعل الخصوم قبل المحبّين يصفّقون له، يُحيّونه، ويصفونه بأنه الأفضل، وأنه يستحق كل شيء.
كل هذا بلاعبين بعضهم لم يبلغ سن العشرين، بل إن أهم لاعب فيهم لم يتجاوز عمره الثامنة عشرة!
أداء قويّ، قتاليّ، لا يستسلمون.
وأكثر من ذلك، الفريق عاد كثيرًا في ريمونتادات بارزة، أهمّها: ريمونتادا الدوري.
بدأ الدور الثاني وهو في المركز الثالث، وبفارق سبع نقاط عن المتصدّر، لكنه عاد وتصدّر، وبفارق سبع نقاط أيضًا.
هزم خصمه المباشر أربع مرات.
ومنذ الدور الثاني، لم يخسر إلا أربع نقاط حتى الآن!
وكل هذا مع المتعة.
لكنّ المكسب الحقيقي لم يكن فقط في البطولات، بل في بناء شخصيّة هؤلاء اللاعبين.
أمرٌ يستغرق أعوامًا لدى الأندية الأخرى.
هذا ما جعل جماهير الكرة في أندية مختلفة تتساءل:
“لماذا نأخذ وقتًا طويلًا لبناء مشروع حقيقي؟ ولماذا يتطلّب الوصول إلى شخصية قوية وبطولات أربع سنوات أو أكثر؟ لماذا لا نكون مثل برشلونة: موسم واحد، نبني مشروعنا ونحصد ثماره؟”
الإجابة بسيطة، عزيزي المشجّع:
أنت وكيانك لا تمتلكان ما يمتلكه برشلونة.
هناك شيئان لا يملكهما أحد سوى برشلونة:
أولًا وأهمّ شيء: أكاديميته، لاماسيا.
منجم الألماس، وليس الذهب.
تلك الأكاديمية التي لطالما كانت السند لهذا النادي.
نادي لا يستطيع التعاقد مع أيّ لاعب، ومديون بأكثر من مليار يورو…
لكنّه يملك المنجم الذي أخرج ميسي، وإنييستا، وبوسكيتس.
واليوم، أخرج يامال، وجافي، وكوبارسي، وفيرمين لوبيز، ومارك بيرنال، وغيرهم الكثير.
ذلك المنجم لا يتوقّف عن الإنتاج.
قد تقول لي: “هناك أكاديميات ممتازة كأياكس أو سبورتينغ لشبونة.”
لكنّ الجودة التي تخرج من لاماسيا لا تُقارن، وكمية اللاعبين ذوي الجودة العالية لا تُقارن.
الشيء الثاني: الروح.
تُزرع فيهم من الصغر.
لا يخرجون لاعبين فقط، بل مشجّعين يعشقون الكيان، يُقاتلون لأجله، لا يبخلون بقطرة عرق.
يكون حلم اللاعب أن يُمثّل الفريق الأول، وعندما تأتيه الفرصة، يُقاتل من أجلها.
مجرّد أن جاء مدرّب كـ هانز فليك، عرف كيف يُرتّبهم، ويكسب ولاءهم وحبّهم، ويوظّفهم بالشكل الصحيح.
اختصر أربع سنوات من العمل.
فكان مشروع برشلونة ناجحًا في ٨ شهور.
برشلونة هو النادي الوحيد المستثنى من القاعدة.
الطبيعي، عزيزي المشجّع،
أن تأخذ الوقت، ووقتًا كثيرًا، واختيارات متعددة حتى يكتمل مشروعك وتقطف ثماره…
لأنك ببساطة لا تمتلك أكاديمية تخرّج لك لاعبين بجودة عالية، وبانتماءٍ حقيقي.
بشكلٍ أبسط:
أيّ نادٍ ليس كـ نادي برشلونة.