مقالات رأي

حسن السلطان يكتب:”القادسية وبصمة أرامكو الفاخرة”

 

 

قبل عدة شهور، كتبتُ أن نادي القادسية سيجني فوائد كبيرة من جودة العمل والاحترافية التي تتمتع بها شركة أرامكو، هذه الشركة العريقة تُعد نموذجًا يُحتذى به في الأداء المؤسسي، حيث تطبّق أعلى معايير الجودة في جميع دوائرها ومجالاتها المختلفة، سواء على المستوى الإداري أو المهني.

 

اليوم، تتأكد تلك الرؤية بشكل عملي، من خلال خطوات نوعية بدأنا نلمس أثرها الواضح في توجهات نادي القادسية، لاسيما في ما يتعلق بمفاهيم العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، حيث لم يعد القادسية مجرد نادٍ رياضي تقليدي، بل أصبح يتحرك وفق رؤية استراتيجية تُدار بعقلية مؤسساتية راقية، تشبه إلى حد كبير نهج أرامكو في العمل والتنظيم.

 

عندما كنت صحفيًا اقتصاديًا قبل سنوات، ربطتني علاقة وثيقة بإدارة العلاقات العامة في شركة أرامكو، وتحديدًا مع الدكتور عبدالله المغلوث، والأستاذ نعيم المكحل -رحمه الله-، وكنت شاهدًا على الجهد الكبير الذي كانت تبذله تلك الإدارة في مواكبة التغيرات الاقتصادية المتسارعة، بأسلوب مهني متقدّم يفوق ما كانت عليه معظم الشركات السعودية آنذاك، التي لم تكن تُعير للعلاقات العامة أي اهتمام يُذكر، وبعضها لم يكن يملك هذا القسم من الأساس.

 

استوقفتني مؤخرًا دعوة نادي القادسية لمجموعة من الإعلاميين لحضور نهائي كأس الملك، وكانت تلك اللفتة ذات دلالات كبيرة، أعادتني إلى تلك الأيام التي كانت فيها أرامكو تُنظم الدعوات وتُهيّئ المناسبات بأسلوب يليق بمستوى الحدث، ويُظهر التقدير الحقيقي لدور الإعلام، و هذه اللمسة وحدها كانت كافية لأُوقن أن وراءها تأثيرًا مباشرًا من أرامكو، لأن كثيرًا من أنديتنا لا تزال بعيدة كل البعد عن الفهم العميق لوظيفة العلاقات العامة وأهميتها، ناهيك عن تخصصات مهنية أخرى لم تدخل بعد إلى بيئة العمل الرياضي المحلي.

 

ولعل أبرز ما يعكس هذا التحول النوعي في فكر نادي القادسية، هو تسيير هذا الكم الكبير من الطائرات والحافلات لنقل الجماهير؛ وهي خطوة لا يمكن قراءتها إلا بوصفها نقلة نوعية في الفكر الإداري، وتأكيدًا على أن النادي بات يُدار بذهنية احترافية، تستشرف المستقبل، وتؤسس لنموذج سيُرهق كثيرًا من الأندية السعودية الأخرى التي لا تزال تراوح مكانها إداريًا وتنظيميًا.

 

القادسية اليوم يمضي بثبات نحو التطور على جميع الأصعدة؛ الفنية، الإدارية، والتنظيمية، وإذا استمر هذا النهج المؤسسي عالي الجودة، فلا أستبعد أن يكون من أوائل الأندية السعودية المؤهلة لدخول سوق الأسهم مستقبلًا، ليصبح أول نادٍ رياضي يتحول إلى كيان اقتصادي متكامل.

 

ختامًا، ما تقوم به إدارة القادسية اليوم هو أكبر من مجرد تحسين في الأداء أو تطوير في الخدمات، بل هو دليل عملي على أن جودة العمل ليست شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية تتطلب فهمًا عميقًا، وشركاء محترفين، ورؤية واضحة تتجاوز حدود الملاعب لتصل إلى قلب المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com