مقالات رأي

حسن السلطان يكتب:”القادسية والأهلي.. والنقطة المضيئة: يلو”

 

 

 

عندما يخسر رجل أعمال ثروته ويفلس مرة واثنتين وثلاثًا، ثم يعود إلى الثراء من جديد، لا يُنظر إليه باحتقار أو سخرية، بل يُشاد به ويُروى نجاحه في أبرز كتب التحفيز وقصص الإلهام، بل كلما زادت عدد مرات الفشل، زادت معها قيمة النهوض، وارتفعت حكاياته لتصبح مرجعًا في الإصرار وعدم الاستسلام.

 

القصص العظيمة تبدأ عادة من لحظات انكسار، لذلك فإن تجربة ناديي القادسية والأهلي السعوديين بعد هبوطهما إلى دوري “يلو” لا ينبغي أن تُعامل كوصمة عار أو صفحة يجب طيّها في صمت، بل على العكس، هي تجربة إنسانية ورياضية عظيمة تستحق أن تُروى وتُفتخر بها.

للأسف، البعض من الجماهير يخجل من ذكر هذه المرحلة وكأن الهبوط مسؤولية يتحملها الجمهور، بينما الواقع أن النجاح بعد الفشل هو أعظم أنواع الانتصارات.

 

القادسية، في موسمه الأول بعد العودة، حقق إنجازًا باهرًا، نافس أندية لها سنوات طويلة من العمل والاستقرار، واحتل المركز الرابع في ترتيب الدوري، وربما يصبح ثالثًا إذا تم سحب نقاط الوحدة من النصر. بل لعب على نهائي كأس الملك، وخرج بشرف أمام الاتحاد المليء بالنجوم.

هذا الحضور القوي يُعد نجاحًا كبيرًا لأي نادٍ، فكيف بفريق قضى عامه الماضي في “يلو”.

أما الأهلي، فقد كتب صفحة جديدة في تاريخه بتحقيق أول دوري نخبة آسيوي بمسماه الجديد، ليصبح رسميًا أول من يُتوّج بهذه البطولة، وهو إنجاز تاريخي سيبقى محفورًا في ذاكرة الكرة الآسيوية.

 

هذا الإنجاز لم يُسعد جمهور الأهلي فقط، بل أفسد على خصومه فرحة بطولاتهم المحلية، خصوصًا أن الاتحاد لم يلمس الذهب الآسيوي منذ رئاسة منصور البلوي (الرئيس الذهبي) قبل أكثر من 20 عامًا، بينما النصر ما زال يبحث عن أول لقب قاري، والهلال احتاج عقدين كاملين ليحقق دوري الأبطال مرتين فقط قبل عامين.

ولو سألنا جمهور أي نادٍ في السعودية: “هل تقبل بهبوط فريقك إلى يلو إن كان الثمن هو بطولة آسيوية بعد العودة؟”، لأجاب الكثيرون بـ”نعم”، فالمجد لا يُقاس بالاستمرارية وحدها، بل بالقدرة على العودة والانتصار.

آخر بطولات للأهلي كانت في 2016، حين فاز بالدوري والكأس والسوبر، و بعدها عاش في صيام طويل، إلى أن جاءت عودته من “يلو” محملة بالذهب القاري، لتُثبت أن التراجع مرحلة، وليس نهاية.

الخلاصة أن المناكفات الجماهيرية لا تصنع بطولات، والتهكّم من تجارب “يلو” فارغ من القيمة، خصوصًا حين يأتي من جماهير أندية لم تحقق في سنوات ما حققه القادسية والأهلي هذا الموسم.
في كرة القدم، كما في الحياة، النجاح بعد السقوط هو أصدق معايير العظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com