مقالات رأي

 إبراهيم البارقي يكتب:”الملحق الآسيوي.. جرس إنذار”

 

حالة مزعجة يعيشها الشارع الرياضي السعودي على خلفية المستويات الباهتة التي قدمها المنتخب السعودي في مشوار التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 في الولايات المتحدة الأمريكية، أسفرت مؤخرًا عن فقدان فرصة التأهل المباشر لنهائيات كأس العالم، مع بقاء فرصة التأهل عن طريق الملحق الآسيوي.

 

منذ أن خط المنتخب السعودي أولى خطواته في رحلة التأهل إلى كأس العالم، كان الحضور السعودي في المونديال ضروريًا لتقدم الكرة السعودية وتمثيلها التمثيل المشرّف على الساحة الدولية، فكانت البداية قوية من خلال مونديال 1994، حين فاجأ “الأخضر” العالم بأداء بطولي أوصله إلى دور الـ16، وحتى مشاركاته اللاحقة التي وإن تباين مستواها، حافظت على حضور دائم يعكس قدرات الكرة السعودية وطموحاتها المتصاعدة.

 

لكن بين الأمس واليوم، انقلب المشهد، بعد أن كان المنتخب السعودي يُعد من أول المتأهلين عن آسيا، للأسف اليوم يترنح في التصفيات، ويتعثر أمام خصوم كان يتفوق عليهم تاريخيًا، حتى فقد فرصة التأهل المباشر واتجه إلى الملحق الآسيوي، وهي نكسة مؤلمة لا تليق بتاريخ منتخب بنى لنفسه مجدًا قاريًا وعالميًا.

 

المشكلة لا يمكن اختزالها في اللاعبين وحدهم، وإنما في المنظومة التي تدير الكرة السعودية، وعلى رأسها الأستاذ ياسر المسحل، الذي تسلم قيادة الاتحاد السعودي وسط وعود كبيرة بتطوير اللعبة والمنتخبات، ولم يحقق التطلعات على أرض الواقع.

 

يعاني المنتخب السعودي من التعاقب المستمر للمدربين، وعدم الاستقرار الفني، وغياب استراتيجية واضحة طويلة الأمد؛ جميعها عوامل ساهمت في تراجع مستوى المنتخب، في ظل توفر الدعم المالي والبنية التحتية التي تُعد من الأفضل في القارة الآسيوية بدعم سخي من حكومتنا الرشيدة، حفظها الله.

 

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطور منتخبات كانت مغمورة قبل سنوات، إلا أن المنتخب السعودي، كما هو مشاهد وقياسًا على النتائج، قد دخل في حلقة مفرغة من الأداء المتذبذب والتخبط الإداري.

 

كرة القدم اليوم، وخصوصًا بعد التوجه الاستراتيجي للدولة وعزمها على الاعتناء بالمنتج الرياضي على كافة الأصعدة، هي أكثر من كونها لعبة شعبية ونشاطًا للتسلية دون أهداف، لأنها تحولت بمفهوم واسع يمتد إلى معنى عميق يحاكي جودة الحياة للإنسان، وفق رؤية المملكة 2030.

 

اليوم نحن أمام مشروع وطني يتطلب التخطيط والشفافية والمساءلة. لا يمكن قبول هذا التراجع على أنه “عثرات طبيعية”، ما حدث هو نتاج سوء إدارة، وغياب للرؤية الفنية، وفقدان للثقة بين المدرجات والمنتخب.

 

الجماهير السعودية تقف خلف المنتخب بكافة أطيافها وشرائحها المجتمعية، وتتحد تحت لون الوطن، وطالما كانت الرقم الصعب والداعم الأول، ولكنها بدأت تشعر بالإحباط، ليس فقط من النتائج، ولكن من عدم الجدية في معالجة أسباب التراجع.

 

تأهل المنتخب من الباب الخلفي للتصفيات جرس إنذار حقيقي لإعادة الهيكلة وتصحيح المسار، لأن سمعة رياضة الوطن فوق أي اعتبار، وفوق أي اسم لم يترك بصمة مشرفة.

 

الكرة السعودية تملك من الطاقات والمواهب ما يؤهلها للعودة، لكن بشرط أن تتغير العقلية، ويُحاسب المسؤول، وتُبنى استراتيجية ترتكز على التخطيط والعمل الجاد، فالتاريخ لا يشفع، والاستحقاقات القادمة لا ترحم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com