لطالما كان نادي ريد بول سالزبورغ نموذجًا يحتذى به في عالم كرة القدم الأوروبية، خصوصًا فيما يتعلق باكتشاف المواهب وصقلها. خلال العقد الأخير، اعتمد النادي على استراتيجية فريدة تمثلت في استقطاب لاعبين شباب من مختلف أنحاء العالم، وتطويرهم سريعًا ضمن صفوف الفريق الأول، ومنحهم الفرصة للظهور في المسابقات الكبرى، مثل دوري أبطال أوروبا. ثم يُعاد بيع هؤلاء اللاعبين بمبالغ ضخمة، غالبًا ما تتجاوز حاجز العشرة ملايين يورو، ما جعل سالزبورغ أحد أكثر الأندية ربحًا في أوروبا من حيث صفقات الانتقالات.
هذا النموذج لم يكن مجرد خطة تجارية ناجحة، بل انعكس أيضًا على أرض الملعب؛ حيث قدّم الفريق كرة قدم هجومية تعتمد على الضغط العالي ومباغتة الخصم منذ اللحظات الأولى، وهو الأسلوب الذي أصبح جزءًا من هوية النادي. وقد أثمرت هذه الفلسفة عن نجاحات كبيرة، كان أبرزها بلوغ نصف نهائي الدوري الأوروبي عام 2017، إلى جانب مشاركات قوية في دوري الأبطال، حيث أصبح الفريق خصمًا مرهوب الجانب حتى من كبار القارة.
لكن، كما هي حال كرة القدم، لا شيء يدوم على حاله. في السنوات الأخيرة، بدا واضحًا أن محرك سالزبورغ بدأ يفقد زخمه. الفريق الذي كان يسيطر على الدوري النمساوي لعشر سنوات متتالية دون منازع، خسر اللقب المحلي في الموسمين الماضيين، وهو ما لم يكن مألوفًا لجماهير النادي.
أما على الساحة الدولية، فلم يتمكن الفريق من الحفاظ على نفس المستوى التنافسي الذي ميّزه في العقد الماضي. محليًا، لم يعد سالزبورغ بالقوة التي أرعبت خصومه، وبدأ يواجه منافسة حقيقية من أندية مثل رابيد فيينا وشتورم غراتس.
ويبدو أن السبب الرئيسي لهذا التراجع هو أن أسلوب الضغط العالي الذي كان سلاح الفريق الفتاك، لم يعد فعالًا كما في السابق. لقد أصبح هذا الأسلوب مكشوفًا ومعروفًا للخصوم، الذين تعلموا كيفية مواجهته والحد من خطورته.
اليوم، يجد النادي نفسه في مرحلة إعادة تشكيل الهوية. الاستراتيجية السابقة، التي كانت ترتكز على المواهب الشابة فقط، بدأت تتغير. سالزبورغ بات يميل إلى دمج الخبرة مع الشباب، لتكوين فريق أكثر توازنًا وقدرة على التعامل مع مختلف السيناريوهات التكتيكية.
المهمة ليست سهلة، لكنها ضرورية. إذا ما أراد سالزبورغ استعادة مكانته المرموقة على الصعيدين المحلي والدولي، فعليه أن يتطور لا فقط من حيث نوعية اللاعبين، بل أيضًا على مستوى الفكر التكتيكي، ليبقى منافسًا حقيقيًا في كرة القدم الأوروبية الحديثة.
جيرالد جوسمان
كاتب وصحفي في دير شبيغل الألمانية وفينا تسايتونغ النمساوية
لطالما كان نادي ريد بول سالزبورغ نموذجًا يحتذى به في عالم كرة القدم الأوروبية، خصوصًا فيما يتعلق باكتشاف المواهب وصقلها. خلال العقد الأخير، اعتمد النادي على استراتيجية فريدة تمثلت في استقطاب لاعبين شباب من مختلف أنحاء العالم، وتطويرهم سريعًا ضمن صفوف الفريق الأول، ومنحهم الفرصة للظهور في المسابقات الكبرى، مثل دوري أبطال أوروبا. ثم يُعاد بيع هؤلاء اللاعبين بمبالغ ضخمة، غالبًا ما تتجاوز حاجز العشرة ملايين يورو، ما جعل سالزبورغ أحد أكثر الأندية ربحًا في أوروبا من حيث صفقات الانتقالات.
هذا النموذج لم يكن مجرد خطة تجارية ناجحة، بل انعكس أيضًا على أرض الملعب؛ حيث قدّم الفريق كرة قدم هجومية تعتمد على الضغط العالي ومباغتة الخصم منذ اللحظات الأولى، وهو الأسلوب الذي أصبح جزءًا من هوية النادي. وقد أثمرت هذه الفلسفة عن نجاحات كبيرة، كان أبرزها بلوغ نصف نهائي الدوري الأوروبي عام 2017، إلى جانب مشاركات قوية في دوري الأبطال، حيث أصبح الفريق خصمًا مرهوب الجانب حتى من كبار القارة.
لكن، كما هي حال كرة القدم، لا شيء يدوم على حاله. في السنوات الأخيرة، بدا واضحًا أن محرك سالزبورغ بدأ يفقد زخمه. الفريق الذي كان يسيطر على الدوري النمساوي لعشر سنوات متتالية دون منازع، خسر اللقب المحلي في الموسمين الماضيين، وهو ما لم يكن مألوفًا لجماهير النادي.
أما على الساحة الدولية، فلم يتمكن الفريق من الحفاظ على نفس المستوى التنافسي الذي ميّزه في العقد الماضي. محليًا، لم يعد سالزبورغ بالقوة التي أرعبت خصومه، وبدأ يواجه منافسة حقيقية من أندية مثل رابيد فيينا وشتورم غراتس.
ويبدو أن السبب الرئيسي لهذا التراجع هو أن أسلوب الضغط العالي الذي كان سلاح الفريق الفتاك، لم يعد فعالًا كما في السابق. لقد أصبح هذا الأسلوب مكشوفًا ومعروفًا للخصوم، الذين تعلموا كيفية مواجهته والحد من خطورته.
اليوم، يجد النادي نفسه في مرحلة إعادة تشكيل الهوية. الاستراتيجية السابقة، التي كانت ترتكز على المواهب الشابة فقط، بدأت تتغير. سالزبورغ بات يميل إلى دمج الخبرة مع الشباب، لتكوين فريق أكثر توازنًا وقدرة على التعامل مع مختلف السيناريوهات التكتيكية.
المهمة ليست سهلة، لكنها ضرورية. إذا ما أراد سالزبورغ استعادة مكانته المرموقة على الصعيدين المحلي والدولي، فعليه أن يتطور لا فقط من حيث نوعية اللاعبين، بل أيضًا على مستوى الفكر التكتيكي، ليبقى منافسًا حقيقيًا في كرة القدم الأوروبية الحديثة.
