رنالدو والمدربون البرتغاليون… حبٌ بدأ باسم الوطن وانتهى بالقطيعة

الكأس- سيف معتز محي
في حياة النجوم، قد تكون اللحظات الحاسمة ليست تلك التي تُصنع على العشب الأخضر، بل التي تُحسم في الكواليس، في نظرة مدرب، أو قرار استبدال، أو تصريح عابر. هذا ما حدث مع كريستيانو رونالدو، أسطورة البرتغال وأحد أعظم من لمسوا كرة القدم، حين وجد نفسه أكثر من مرة في علاقات مشحونة مع مدربين من أبناء وطنه.
علاقات بدأت بالمحبة، لكنها انتهت بـقـرارات موجعة وصدامات لم تُمحَ من الذاكرة.
مورينيو ورونالدو: قمة المجد وصراع الزعامة
عام 2010، التقى كريستيانو رونالدو مع جوزيه مورينيو في ريال مدريد، وكان اللقاء أشبه باجتماع قوتين عظميين في تاريخ الكرة البرتغالية. مورينيو، العقل المدبر، ورونالدو، الآلة التهديفية.
في البداية، بدا وكأن العلاقة ستُخلّد في كتب المجد. أرقام قياسية، بطولات محلية، وهجوم كاسح هزّ أوروبا. لكن مع مرور الوقت، بدأت التوترات تتسلل. مورينيو، المعروف بصراحته وصرامته، لم يتوانَ عن انتقاد رونالدو علنًا في بعض المباريات، مشيرًا إلى “قلة الانضباط التكتيكي”، وهو ما اعتبره كريستيانو جرحًا في كبريائه الاحترافي.
العلاقة لم تنفجر علنًا، لكنها تآكلت بصمت، ومع نهاية موسم 2013، بدا واضحًا أن الانفصال كان ضروريًا. واللافت أن كليهما تجنّب الحديث عن الآخر لسنوات، في صمتٍ يدل على احترام مشوب بالخذلان.
فرناندو سانتوس: المخلص الذي تخلّى عن أسطورته
في 2014، تولى فرناندو سانتوس تدريب منتخب البرتغال، وكان أول ما فعله هو منح رونالدو القيادة المطلقة للفريق. عرف سانتوس كيف يدير كريستيانو، لا كلاعب فقط، بل كمُلهم لجيل كامل. كانت النتيجة بطولة أوروبا 2016، حين رفع رونالدو الكأس رغم إصابته، وكان شغفه من خارج الخط أقوى من أي هدف.
لكن الزمن تغيّر بحلول مونديال قطر 2022، بدا رونالدو مختلفًا لاعب فوق الـ37، قادم من تجربة متوترة في مانشستر يونايتد، والمستوى لم يعد كما كان.
فجّر سانتوس المفاجأة وأجلسه على دكة البدلاء في مباراة سويسرا بدور الـ16. القرار كان صادمًا ليس فقط لرونالدو، بل لملايين من عشاقه. وعلى الرغم من فوز البرتغال يومها، إلا أن الاحترام العاطفي بين الرجلين لم يُرمم.
سانتوس حاول تبرير قراره بـ”الرغبة التكتيكية”، لكن رونالدو كان يعلم أن تلك اللحظة لم تكن مجرد استبدال… كانت نهاية مرحلة. غادر المنتخب حينها، بعينين لا تحويان دموعًا، بل أسئلة.
روبرتو مارتينيز: هدوء ما بعد العاصفة؟
بعد رحيل سانتوس، جاء روبرتو مارتينيز، المدرب الإسباني ذو الأصول البلجيكية، ليبدأ صفحة جديدة مع المنتخب البرتغالي. الغريب أن مارتينيز اختار منذ البداية الاحتفاظ برونالدو ضمن التشكيلة الأساسية، بل وجعل منه حجر الأساس في مشروعه، رغم تقدم السن وتغير الزمن.
قد يكون السبب أن مارتينيز ليس جزءًا من “الصراع الداخلي”، فلا روابط شخصية قديمة ولا منافسة على الزعامة البرتغالية. هو يراه كلاعب عظيم، لا خصم رمزي. ولهذا، عاد رونالدو ليبتسم من جديد، ربما لأنه يشعر لأول مرة منذ سنوات، بأنه قائد دون مقاومة.
في الختام: أسطورة تتقاطع فيها القلوب والعقول
رونالدو ليس مجرد لاعب. هو قضية وطنية، مشروع كروي، ومثال على القوة والاندفاع. لكن هذه الصفات التي صنعته، هي نفسها التي صعّبت علاقته بمن حاولوا تدريبه من أبناء بلده.
المدرب البرتغالي يرى في رونالدو مرآة له: في الطموح، في الكبرياء، في حب الانتصار. لكن المرايا لا تصافح، بل تكشف. وهنا تكمن المفارقة… أن الحب الحقيقي هو من يصعب تحمّله، حين يتحوّل إلى خلاف وقطيعة.