بقلم – جبر الشايقي
رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي
بنجاح كبير اختتم الموسم الرياضي السعودي في مختلف الألعاب والرياضات المتنوعة لموسم 2024- 2025 في مشهد يعكس حجم التطور الذي تشهده الرياضة السعودية في جميع أبعادها “فنيا وتنظيميًا، وقانونيًا، وإعلاميا” يأتي ذلك من خلال الإشراف الفاعل والمباشر للجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية التي تشهد ديناميكية وبيئة عمل صحية وأرضية خصبة لتحقيق الكثير من المنجزات على المستوى المحلي الإقليمي والدولي وهو ما يتحقق ولله الحمد.
وإذا كان الحديث عن موسم “كرة القدم تحديدا” فانه هو الآخر استطاع أن يجذب الأنظار بشكل مدهش يؤكد أن المشروع الرياضي على مستوى اللعبة و “هو يتجاوز عامه الثاني” استطاع وبكل اقتدار القفز فوق عمره الطبيعي حيث تشعر بالعمل والأداء والتفاعل يفوق ربما ما كنا نصبوا اليه كمرحلة أولى، وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن مشروع الحوكمة والانضباطية الإدارية سبقته لتفرش له الأرض نحو بلوغ هذه المرحلة في وقت مبكر.
طبعا نُبارك من القلب المستوى الكبير الذي ظهر به منتخبنا مؤخراً في بطولة الكأس الذهبية 2025م، والذي سينعكس إيجاباً بحول الله وقوته على استحقاق الأخضر في أكتوبر القادم لخوض معترك الملحق الآسيوي المؤهل لتصفيات كأس العام 2026، كما نبارك لممثّل الوطن نادي الهلال الظهور المشرف والرائع في نهائيات كأس العالم للأندية 2025م، والذي عكس ظهوره الرائع نتائج العمل الكبير في الحراك الرياضي السعودي، كما نبارك لكل نادٍ تُوِّج بالبطولات في الاستحقاقات المحلية والقاريّة، ولكل فريق حقق أهدافه، ولكل مدرب ولاعب أخلص وأبدع وصبر وثابر وأحترم جماهيره وأخلص معهم، فالنجاحات لا تصنعها الصدفة، بل تُبنى بالتخطيط، والالتزام، والعمل الجماعي. كما نُثني على الجماهير الوفية التي كانت عنصرًا فاعلًا في نجاح الموسم، من خلال حضورها ودعمها واحترامها للمنافسة، ولا ننسى دور إعلامنا الرياضي الريادي الذي نقل الصوت والصورة وأبرز الكلمة لكل أنحاء العالم، بشكل احترافي ومهني.
لقد كانت كرة القدم حافلة بالإثارة والندية وتبادلت الأندية في المقدمة طيلة عمر المسابقة المراكز كما كان الحال بالنسبة للأندية في قاع الترتيب التي عملت للهروب من الهبوط للدرجة الأدنى في حين أضافت الأندية السعودية هذا العام لقبا قاريا جديدا الى قائمة الألقاب الناصعة في تاريخ أنديتنا وملاعبنا.
لكن ما ميّز هذا الموسم حقًا، ورفع من قيمته المؤسسية، هو درجة التقاضي الاحترافي للمنظومة القانونية في مركز التحكيم الرياضي، ودرجة الثقافة الرياضية العالية لدى المتلقي من أصحاب المصلحة، مثل الأندية أو الجماهير والإعلاميين المهتمين فقد أثبتت هذه الجهات قدرتها على إدارة النزاعات بكفاءة وعدالة ضمن إطار قانوني شفاف ومحايد والتعامل معه وفق ذلك.
في عالم الرياضة الحديث، لم يعد النجاح داخل الملاعب مرتبطًا فقط بمهارات اللاعبين أو خطط المدربين، بل أصبحت المنظومة القانونية واحدة من أهم ركائز الاستقرار والتطور. ففي عالمها تختلط المهارة بالحماس، والتنافس بالعاطفة، نجد أنفسنا أمام ساحة لا تقتصر فقط على الأهداف والانتصارات، بل تمتد لتشمل ميزانيات مالية ضخمة، وضغوطًا إعلامية متصاعدة، وعلاقات متشابكة بين أطراف عديدة. فبين صفقات اللاعبين والمدربين، وبين عقود الرعاية والتغطيات، تبدأ تشابك الخيوط وهذا بطبعه يعد امرأ اعتياديا، بل وصحيا فاللجوء الى القانون جزء من إدارة اللعبة وإدارة المنافسة ويكسبها زخما ثقافيا واسعا ومساحة متسعة ابعد من مجرد مباراة وفي كثير من الأحيان تتحول اللعبة إلى حالة قانونية تتطلب تدخلاً حازمًا ومنصفًا.
لقد تابعنا خلال الموسم العديد من القضايا الانضباطية التي بلغت مرحلة الاستئناف وأخرى اتجهت الى مركز التحكيم الرياضي وهذا ليس عيبا، بل عملا احترافيا وصحيّاً يبرز من خلاله أهمية القواعد القانونية وأهمية تطويرها لتكون فاعلة في عالم كرة القدم المتسارع والمتطور والفاعل، فالقانون يضبط إيقاعه، ويحفظ توازن العلاقات داخله.
إن نجاح أي رياضة حقيقة يعتمد على قدرة الجهات القانونية القائمة عليها تفعيل قوانينها والتزام الأندية واللاعبين والإداريين به لان العمل القانوني يمنح المسابقات قوة وقيمة مضافة، ولو تابعنا العديد من الدوريات الأكثر خبرة وتاريخا نجد رغم امتلاكها أدوات النجاح فهي غير قادرة على تصدير دوري يستحق الاهتمام والمشاهدة بسبب الكثير من المشاكل القانونية العالقة والكثير من القضايا المتكررة لذا فنحن نبارك نجاح موسمنا الرياضي ونشيد بالنتائج التي تحققت في مشروعنا الرياضي الكبير لان نضج المنظومة الرياضية يكمن في اكتمال أدواتها المهمة والقانون القائم على ضبطها.
