جاسم العزاوي يكتب:” كان بالإمكان أفضل ممّا كان”

شرَّفتم الكرة العربية والآسيوية بأداءٍ عالميّ ومستوى فنيّ رفيع ولمحاتٍ كروية فاقت التوقعات. هكذا كان الهلال بعدما اكتمل، وهكذا قال كلمته في تجمع كروي رفيع يضمّ أبرز الأندية العالمية.
إنّ الوصول إلى مرحلة ربع النهائي يُعَدّ إنجازًا مشرِّفًا للكرة السعودية وقد يكون باكورة إنجازاتٍ مستقبلية؛ فليس من السهل على فريقٍ عربيّ أو آسيويّ أن يُقارِع الأندية الأوروبية والبرازيلية ويكون طرفًا صعبًا أمامها. ولذلك فإننا نرفع القبعة لأداء ونتائج الهلال الذي لم يخسر في دور المجموعات، وكان تعادله مع ريال مدريد حافزًا ومنح الفريق ثقةً أكبر، فقدم أداءً تصاعديًا في البطولة التي احترمت ما قدّمه الهلال عندما تجاوز مانشستر سيتي في ملحمة كروية استنزفت كثيرًا من جهده قبل أن يتأهل إلى دور ربع النهائي، ليختم مشواره في البطولة بخسارةٍ مشرِّفة أمام فلومينينسي البرازيلي جرّاء أخطاء بسيطة في الدفاع وإنهاء الهجمات.
هذه مسألة طبيعية؛ فعندما تُقحِم معاقل الفرق الكبيرة لا بدّ أن تُخطئ لتتعلم من بطولةٍ كبيرة مثل كأس العالم للأندية. وكان بالإمكان أفضل ممّا كان لو تعامل لاعبو الهلال بجدّيةٍ أكبر واستغلّوا الفرص المتلاحقة لإنهاء الهجمات في الرمق الأخير من المباراة التي كانت درسًا بليغًا لمن يريد أن يتخلى عن ثوب النمطية ويتحلّى بالشجاعة والطموح والثقة المستمدّة من عزيمةٍ وإصرارٍ واضح، وإدراكٍ لأهمية أن تكون بجانب الكبار، خصوصًا وأنّ الهلال فرض سيطرةً واضحة في الدقائق الأخيرة من المباراة وأضاع جملةً من الفرص السانحة وسط تراجعٍ كبير للفريق البرازيلي.
يجب الإشادة بما قدّمه الهلال في البطولة التي دخلها بثوبٍ خجول وخرج منها بألوانٍ براقة مرفوع الرأس. وللحقيقة وجهٌ واحد لا بدّ من الاعتراف به؛ إذ لم يكن أحد يتوقّع ما قدّمه الهلال من أداءٍ ونتائج وما وصل إليه في البطولة. وبعد جهدٍ كبير في المباريات التي حرص على ألّا يخسر فيها، يكون تراجع الأداء البدني للاعبين طبيعيًا، ولا سيما في مباراته أمام مانشستر سيتي، وكان من المتوقَّع أن يرتكب اللاعبون بعض الأخطاء.
في كل الأحوال، كانت مشاركة الهلال في هذه النسخة ناجحةً بامتياز، وحصل على مكتسباتٍ عدة؛ فالهلال قبل البطولة ليس الهلال الذي خرج منها، وستجعل الجميع يراجع حساباته عند ملاقاته مستقبلًا أو عند مواجهة أي فريق يمثّل السعودية، وهذا يُعَدّ نجاحًا. ولا بدّ ألّا يُفرِّط لاعبوه بما حققوه في البطولة، كما يجب أن يتعاملوا بالجدّية والحرص والاندفاع نفسيهما عندما يعودون لمقابلة الفرق السعودية والآسيوية في الاستحقاقات المقبلة.
ويبقى الزمن عاملًا مهمًّا لمشاهدة بصماتٍ مؤثرة وأكثر وضوحًا للمدرب على أداء الفريق، الذي نتمنى أن يحافظ على رصيده من السمعة والمنزلة الرفيعة والشعبية الكبيرة التي اكتسبها بعد مشاركته في بطولة كأس العالم للأندية.