حسن السلطان يكتب :”أكاديمية القادسية في أمريكا”

في ظل التوجه العالمي نحو استثمار كرة القدم في أسواق جديدة، بات السوق الأمريكي محط أنظار العديد من الأندية الأوروبية الكبرى التي تسعى إلى تعزيز حضورها في بلد لا تزال كرة القدم فيه أقل شعبية مقارنة برياضات أخرى ككرة القدم الأمريكية وكرة السلة.
إلا أن المستقبل يحمل الكثير لهذه اللعبة في الولايات المتحدة، خاصة مع تزايد الاهتمام بها من الأجيال الجديدة وتوسع قاعدة الجماهير من مختلف الجنسيات والثقافات.
نادي ليفربول وباريس سان جيرمان يمثلان نموذجًا واضحًا لهذا التوجه، حيث قاما بإنشاء أكاديميات ومبادرات رياضية في عدة ولايات أمريكية، مستفيدين من التنوع السكاني الكبير، والبيئة الاستثمارية المفتوحة، وحماس المجتمعات المحلية نحو هذه الرياضة، وقد نجحت هذه المشاريع في إحداث أثر ملموس على مستوى الوعي بكرة القدم الأوروبية والعالمية في أمريكا.
في هذا السياق، تبرز فرصة ذهبية لنادي القادسية السعودي، خاصة أنه بات ضمن منظومة أرامكو التي تمتلك حضورًا قويًا في الولايات المتحدة، وتحديدًا من خلال مقرها في مدينة هيوستن بولاية تكساس، بالإضافة إلى شركة أرامكو للتجارة الأمريكية.
هذا الوجود الراسخ يمنح القادسية قاعدة قوية لانطلاق مشروع أكاديمي رياضي طموح يستهدف تطوير كرة القدم في أمريكا، ويخدم في الوقت ذاته استراتيجية تسويق الكرة السعودية عالميًا.
لضمان نجاح هذه الأكاديمية، من المهم أن تستهدف مدنًا ذات كثافة سكانية متنوعة وجاليات مولعة بكرة القدم، مثل هيوستن، شيكاغو، وديترويت، وهي تمثل خيارات مثالية لهذا المشروع، فهيوستن تضم جالية عربية وشرق أوسطية كبيرة، إضافة إلى جالية مكسيكية تعشق كرة القدم، بينما شيكاغو معروفة بتنوعها الثقافي واهتمام سكانها بالرياضات الجماعية، أما ديترويت فتعتبر مركزًا لعدد من العائلات المهاجرة العربية بالذات وتحتضن طاقات شبابية يمكن استثمارها رياضيًا.
إذا تم تنفيذ هذه الخطوة بالشكل المطلوب، فإن صداها الإعلامي في أمريكا سيكون كبيرًا، خاصة مع ازدياد التغطية الإعلامية للدوري السعودي وتزايد اهتمام الإعلام الغربي بالأندية السعودية بعد التوسع الأخير في سوق الانتقالات وجذب النجوم، وستعزز هذه الأكاديمية من العلامة التجارية للقادسية، وتجعله لاعبًا جديدًا في الساحة الدولية.
أحد أهم المكاسب المرتقبة هو اكتشاف وتطوير المواهب السعودية الناشئة في أمريكا، وخصوصًا من أبناء المبتعثين الذين يعيشون في بيئة رياضية متقدمة، ولديهم استعداد نفسي وثقافي أكبر لتقبل فكرة الاحتراف الخارجي منذ الصغر، و تأسيسهم أكاديميًا على أصول احترافية منذ الطفولة سيمكن الكرة السعودية من إنتاج جيل جديد يتمتع بالمهارات والانضباط المطلوب عالميًا.
الهلال يمكنه أيضًا القيام بهذه الخطوة، لأنه بات معروفًا في أمريكا بعد مشاركته البارزة في كأس العالم للأندية، و كذلك نادي النصر الذي استفاد من شعبية كريستيانو رونالدو في الترويج لعلامته التجارية، و قميصه في كل مكان موجود، إلا أن القادسية يمتلك نقطة تفوق فريدة، وهي ارتباطه بأرامكو، ما يمنحه الإمكانية والجاهزية لتفعيل مثل هذا المشروع بسرعة وفعالية عالية.
أكاديمية القادسية في أمريكا ليست مجرد حلم، بل هي خطوة استراتيجية ممكنة وقادرة على صناعة الفارق، ليس فقط في تسويق النادي أو دعم اللاعبين السعوديين، بل في فتح نافذة جديدة تساهم في تدويل الدوري السعودي وتأكيد حضوره في المشهد الكروي العالمي.