بداية قوية للنادي الإفريقي مع المدرب فوزي البنزرتي: فهل يعود إلى منصات التتويج هذا الموسم؟

الكأس- وائل فطوش
في بداية موسم يبدو مختلفاً، استعاد النادي الإفريقي بريقه سريعاً بتحقيق فوزين متتاليين أمام مستقبل المرسى والنجم الساحلي، ليرسم ملامح عودة قوية مع المدرب القدير فوزي البنزرتي ويبعث في جماهيره الأمل باستعادة مكانته بين كبار الكرة التونسية.
انطلاقة مثالية تبعث الأمل
لم يكن جمهور الإفريقي يحلم ببداية أفضل من هذه. الفريق الذي عانى كثيراً في السنوات الماضية، تمكن من جمع ست نقاط كاملة في أول جولتين من البطولة. البداية كانت في ملعب رادس حين واجه مستقبل المرسى في لقاء صعب حُسم بتسديدة قوية من الصادق محمود، اللاعب الشاب الذي بدأ يثبت أقدامه في التشكيلة الأساسية. ثم جاءت لحظة الفرح الكبرى في الجولة الثانية حين نجح الأحمر والأبيض في العودة بانتصار ثمين من سوسة أمام النجم الساحلي، بفضل هدف المهاجم الجديد فراس شواط. هذا الانتصار لم يكن عادياً، بل كان الأول للإفريقي في ملعب سوسة منذ سنة 2018، ما جعله يحمل قيمة معنوية مضاعفة.
هيئة جديدة.. بداية عهد مختلف
ما يعيشه الإفريقي اليوم لم يكن ليتحقق لولا التغيير الإداري المهم الذي حصل. انتخاب هيئة جديدة برئاسة الدكتور محسن الطرابلسي بعث برسائل إيجابية في محيط النادي. الإدارة الجديدة وضعت معالجة ملف الديون كأولوية قصوى، ونجحت فعلاً في تسديد جزء مهم منها، وهو ما جنّب الفريق عقوبات كانت تهدد مسيرته، كما أتاح له فرصة الدخول بقوة في سوق الانتقالات. الاستقرار المالي، حتى وإن لم يكن كاملاً بعد، منح اللاعبين راحة نفسية، وجعل الأجواء داخل النادي أكثر هدوءاً وانسجاماً.
ميركاتو ذكي وصفقات من الوزن الثقيل
عكس السنوات الماضية، دخل الإفريقي سوق الانتقالات بثقة كبيرة. فقد نجح في استقطاب أسماء قادرة على إحداث الفارق، على غرار الليبي أسامة الشريمي الذي يُنتظر أن يكون إضافة نوعية في خط الوسط، إلى جانب الظهير الأيسر حسام بن علي الذي يعرف جيداً أجواء البطولة قادماً من النجم الساحلي. كما ضم الفريق أحد أبرز المدافعين في الموسم الماضي، محمد رمضان، الذي خطف الأضواء بأدائه القوي مع ترجي جرجيس. غير أن الصفقة الأبرز بلا شك كانت التعاقد مع فراس شواط، هداف الدوري والمهاجم الدولي، الذي فضّل العودة إلى العاصمة بعد تجربة قصيرة مع النجم الساحلي انتهت بفسخ عقده. هذه الصفقات جعلت الإفريقي يمتلك تركيبة متوازنة بين الخبرة والطموح، وبين لاعبين محليين وآخرين ذوي خبرة دولية.
فوزي البنزرتي.. القيدوم يعود إلى الديار
لا يمكن الحديث عن الإفريقي اليوم دون التوقف عند عودة المدرب فوزي البنزرتي إلى مقاعد بدلاء الفريق. البنزرتي ليس مجرد اسم، بل هو جزء من تاريخ الكرة التونسية. سبق أن قاد الإفريقي سنة 1991 وأسّس لجيل توّج لاحقاً بدوري أبطال إفريقيا. كما عاد إليه سنة 2011 ليقوده إلى نهائي كأس الاتحاد الإفريقي. تجربته الواسعة مع مختلف الأندية التونسية والعربية، من الترجي إلى الوداد مروراً بالمنتخب التونسي، تجعله واحداً من أكثر المدربين خبرة ودهاء في القارة. اليوم يعود إلى الإفريقي في وقت حساس، حاملاً معه طموح إعادة النادي إلى القمة.
مؤشرات إيجابية على أرض الميدان
ما يُحسب للإفريقي هذا الموسم هو أنه لا يكتفي بتحقيق النتائج، بل يقدم إشارات تكتيكية واضحة على أن الفريق في تطور. الدفاع أصبح أكثر صلابة، والوسط أكثر توازناً بفضل الصفقات الجديدة، والهجوم يملك مهاجماً قادراً على التسجيل من أنصاف الفرص مثل فراس شواط. الانتصار في سوسة لم يكن مجرد ثلاث نقاط، بل كان برهاناً على شخصية الفريق الجديد، القادر على اللعب تحت الضغط والعودة بنتيجة من ملاعب صعبة.
مواجهة رادس.. اختبار جديد
الموعد القادم سيكون مساء اليوم الجمعة حين يستقبل الإفريقي ترجي جرجيس في ملعب رادس. المباراة قد تبدو سهلة على الورق، لكنها تمثل اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الفريق على فرض إيقاعه في ملعبه أمام منافسين يسعون دائماً لإرباكه. الفوز في هذه المواجهة سيعني فك الشراكة في صدارة الدوري والانفراد بالمرتبة الأولى، وهو ما سيمنح اللاعبين والجماهير دفعة إضافية لمواصلة المسيرة.
جماهير الإفريقي.. قصة وفاء لا تنتهي
حين يُذكر الإفريقي، تُذكر جماهيره أولاً. هذه الجماهير التي كسرت كل الأرقام القياسية في عدد الاشتراكات الموسمية بوصولها إلى 24 ألف مشترك، وهو رقم غير مسبوق في تونس. لكن الأهم من ذلك هو أن هذه الجماهير وقفت إلى جانب فريقها في أصعب الظروف، حين دفعت أكثر من ستة ملايين دولار لخلاص الديون، في مشهد قلّ نظيره في كرة القدم العالمية. هي جماهير لا تعرف اليأس، ظلت تملأ المدارج رغم غياب الألقاب، وتُثبت كل يوم أن الإفريقي ليس مجرد نادٍ بل هو هوية وانتماء وقطعة من الروح.
نحو عودة منتظرة إلى منصات التتويج
كل المؤشرات اليوم تؤكد أن الإفريقي يملك كل ما يلزم لاستعادة مكانه الطبيعي بين أبطال تونس وإفريقيا: إدارة جديدة تعيد التوازن، ميركاتو ناجح عزز الصفوف بأسماء كبيرة، مدرب خبير يعرف جيداً طريق البطولات، وجمهور وفيّ يضرب أروع الأمثلة في الدعم. كل هذه العوامل تجعل حلم التتويج هذا الموسم أقرب من أي وقت مضى. السؤال الوحيد الذي يطرحه الشارع الرياضي اليوم: هل يحسن الإفريقي استغلال هذه الظروف المثالية ليعود إلى معانقة الألقاب بعد سنوات طويلة من الصعوبات؟