التحليل القانوني: إسقاط لاعب الهلال البرازيلي “لودي” من القوائم المحلية وإنهاء العقد

الكأس – تركي الحربي
هكذا، ودون مقدمات، البرازيلي رينان لودي يغادر إلى بلاده، ويبعث رسالة إلى ناديه الهلال السعودي يخطرهم فيها بفسخ عقده من طرف واحد مع الفريق، وأنه في طريقه لسلك المسار القانوني للحصول على ما وصفه بحقوقه، الأمر الذي أحدث جدلًا كبيرًا في الوسط الرياضي.
وعليه، ولاستيضاح الصورة القانونية الكاملة والصحيحة لقضية لودي، اتجهنا إلى المستشار في القانون الرياضي الدولي الأستاذ أحمد الأمير (أمير القانون)، والذي قدّم لنا هذا التحليل القانوني التفصيلي عن كل ما يتعلق بقضية هروب لودي، الذي نضعه بين أيديكم:
استنادًا إلى سوابق لجنة فض المنازعات بالفيفا (DRC) ومحكمة التحكيم الرياضية (CAS)، يمتلك اللاعب البرازيلي “لودي” أساسًا قانونيًا قويًا لنجاح دعواه بإنهاء عقده مع نادي الهلال والمطالبة بتعويض. إذ أن إلغاء تسجيله من القوائم المحلية مع إبقائه متاحًا فقط لدوري أبطال آسيا للنخبة يشكل إخلالًا جوهريًا بالعقد ومساسًا بحقوقه الأساسية بموجب القانون الكروي الدولي.
الإطار القانوني والمبادئ الواجبة التطبيق
الحق الجوهري في المشاركة بالمنافسات
تؤكد محكمة الكاس وغرفة فض المنازعات الدولية أن إلغاء تسجيل اللاعب يُعد إخلالًا بعقد العمل وانتهاكًا للحق الجوهري في المشاركة في كرة القدم المنظمة، حيث تم تأكيد هذا المبدأ بانتظام في العديد من القضايا، ويُعد ذلك أساسًا قانونيًا للإنهاء المشروع للعقد.
وبموجب المادة 5 من لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين (FIFA RSTP): “يجب تسجيل اللاعب لدى اتحاد وطني حتى يكون مؤهلاً للعب مع نادٍ كمحترف أو هاوٍ”. وقد صرحت الكاس أن: “فقط اللاعبون المسجلون مؤهلون للمشاركة في كرة القدم المنظمة”، وأن “رفض النادي تسجيل اللاعب، أو إلغاء تسجيله يمنعه فعليًا من المشاركة في المنافسات، ويُعد ذلك انتهاكًا لحقه الجوهري كلاعب كرة قدم محترف”.
السوابق القضائية
قرارات غرفة فض المنازعات الدولية
أكدت الغرفة أن “عدم تسجيل اللاعب ومنعه من تقديم خدماته للفريق هو في حد ذاته إخلال جسيم بالعقد”، حيث تم تطبيق هذا المبدأ في عدة سوابق أبرزها:
1. القرار رقم 02142436 (27 فبراير 2014): اعتبر أن إلغاء تسجيل اللاعب ينتهك حقوقه الأساسية، حيث أكدت الغرفة أن من بين الحقوق الأساسية للاعب، ليس فقط الوفاء بمستحقاته، بل أيضًا حقه في المشاركة مع زملائه في المباريات الرسمية. وبإلغاء تسجيله، يُحرم اللاعب من المنافسة ويُبرر ذلك إنهاء العقد مبكرًا، كما أن تجاهل استفسارات اللاعب يفاقم الوضع.
2. القرار (FPSD-12437): أوضحت الغرفة أن “إلغاء التسجيل يمثل من حيث المبدأ إخلالًا بالعقد كونه يمنع اللاعب فعليًا من اللعب”. وأكدت مجددًا أن هذا التصرف يعد انتهاكًا لحق أساسي، خاصة في ظل سوء تخطيط النادي.
سوابق محكمة الكاس (CAS)
1. قضية الوكرة القطري ضد جاستون سانغوي (CAS 2018/A/5771 & 5772): أقرت بأن إلغاء التسجيل يمنع اللاعب من خوض المباريات الرسمية ويُعد انتهاكًا لحقه الجوهري.
2. قضية شباب الأهلي دبي ضد ماورو دياز (CAS 2020/A/7239 & 7261): قررت الكاس أن إلغاء التسجيل يعد سببًا مشروعًا لإنهاء العقد إذا تم دون موافقة اللاعب، بينما لا يعد كذلك إذا تم بموافقته.
التحليل القانوني لقرار الهلال
طبيعة الإخلال وتبعاته
تصرف نادي الهلال المتمثل في شطب اللاعب من قوائم المنافسات المحلية مع إبقائه مسجلًا فقط بدوري أبطال آسيا يثير عدة إشكالات قانونية:
1. إلغاء التسجيل الجزئي إخلال بالعقد: تقييد مشاركة اللاعب في بطولة دون أخرى يقلل من فرصه ويُعد انتهاكًا لحقوقه الأساسية.
2. التبريرات الرياضية غير كافية: القرار اتخذ لأسباب فنية مرتبطة بقائمة الأجانب، لا لأسباب قانونية مشروعة. السوابق أكدت أن الأسباب الفنية لا تُبرر الإخلال بالعقد.
3. عدد اللاعبين الأجانب ليس مبررًا: صحيح أن اللوائح المحلية تحدد سقف اللاعبين الأجانب، لكن ذلك لا يعفي النادي من التزاماته العقدية تجاه اللاعب.
تم التدقيق:
—
التبعات القانونية والمالية
التبعات المالية: الأساس القانوني للتعويض
بموجب المادة 17 من لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين الدولية، إذا تم إنهاء العقد دون سبب مشروع، “يجب على الطرف المخالف دفع تعويض”. ويشمل التعويض ما يلي:
1. قيمة العقد المتبقية: الرواتب والمزايا حتى نهاية العقد.
2. مبدأ تحقيق المصلحة الإيجابية: إعادة اللاعب إلى الوضع الذي كان سيكون عليه لو تم تنفيذ العقد بالكامل.
3. خصوصية القطاع الرياضي: مراعاة الطابع الخاص لمسيرة اللاعبين وصعوبة إيجاد فرص بديلة.
4. تعويض الضرر المعنوي: بدأت الكاس حديثًا في منح تعويضات معنوية (7–10% من قيمة العقد) إذا ثبت سلوك “استثنائي وجسيم” من النادي ضد مصالح اللاعب وروح اللوائح الرياضية.
التبعات القانونية: العقوبات الرياضية
بموجب المادة 17 من لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين الدولية، فإن إنهاء عقد العمل الرياضي دون سبب مشروع لا يقتصر على التعويض المالي، بل يفتح المجال أيضًا لفرض عقوبات رياضية على الطرف المخالف، تعزيزًا لاستقرار العلاقات التعاقدية في كرة القدم.
وفيما يخص الأندية، تنص الفقرة (4) صراحةً على أنه: «فضلًا عن الالتزام بدفع التعويض، تُفرض عقوبات رياضية على أي نادٍ يثبت إخلاله بالعقد أو تحريضه على الإخلال خلال الفترة المحمية… ويُحظر على النادي قيد أي لاعبين جدد، محليًا أو دوليًا، لفترتي تسجيل كاملتين ومتتاليتين».
—
وضعية اللاعب بين القيد القاري والقيد المحلي
الإطار التنظيمي
دوري أبطال آسيا النخبة يُدار وفق لوائح قيد خاصة، ويلزم الأندية بتسجيل اللاعبين حسب لوائح الفيفا والاتحاد الوطني. غير أن الحصر القاري لا يبرر انتقاص حقوق اللاعب في المنافسات المحلية، بل يتعارض مع الالتزامات العقدية للنادي.
الإشكال القانوني في القيد الانتقائي
انتقاص حقوق العمل: العقد ينص عادة على تمثيل اللاعب للنادي في جميع المنافسات، وليس القارية فقط.
مخاطر ترسيخ سابقة خطيرة: السماح بالتسجيل الانتقائي يفتح المجال أمام الأندية لاستغلال نظام التسجيل لأغراض رياضية أو اقتصادية بحتة.
—
قرار إلغاء تسجيل اللاعب من القوائم المحلية مع إبقائه في قائمة دوري أبطال آسيا النخبة يُعد إخلالًا واضحًا بالعقد استنادًا إلى سوابق الفيفا والكاس، خصوصًا قضية الوكرة القطري ضد جاستون سانغوي. كما أن قرارات الكاس بشأن الإلغاء المؤقت المتفق عليه توضح أن إعادة القيد ضمن الإطار الزمني المحدد عنصر حاسم، والإخفاق في ذلك يعيد توصيف الوضع إلى “إلغاء/عدم تسجيل” مخل بالعقد.
وعليه، فإن إلغاء تسجيل اللاعب محليًا مع إبقائه مقيدًا فقط للمنافسات القارية يضع النادي أمام خطر ثبوت “إخلال بالعقد”، ويمنح اللاعب حق الإنهاء لسبب مشروع والمطالبة بتعويض كامل وفق المادة 17، يشمل قيمة المدة المتبقية من العقد، والفوائد، وربما تعويضًا معنويًا إضافيًا.
النتيجة المتوقعة: تصب بقوة في مصلحة اللاعب “لودي”، وتضع على النادي التزامات مالية وقانونية كبيرة.