حسن السلطان يكتب:” مراجعات لتصريحات بن هامبورغ ٢”

مما أدلى به مالك نادي الخلود بن هامبورغ بتصريح مهم، هو رفضه استئجار روابط جماهيرية أو دفع مبالغ لجلب مشجعين لا ينتمون للنادي، قائلًا:
”لا نريد في ملعبنا سوى من يحضر بدافع حبه للنادي وإرادته الحرة، وإن كان الثمن مدرجاً هادئاً فذلك أهون من تشجيع مزيف.”
هذا التصريح القوي يقصد به مباشرة ظاهرة الجماهير المستأجرة التي وصفها بـ “الضجيج المصطنع”، وهو تعبير قاسٍ لكنه واقعي بالنسبة للبعض، فما قيمة الهتاف العالي إذا كان خالياً من العاطفة الحقيقية؟ بل إنه يقتل روح الانتماء، ويجعل المشجع الصادق يشعر بالخذلان وسط أصوات مدفوعة الثمن.
ثقافيًا، يمكن أن نفهم جذور الظاهرة من خلال عادة قديمة في المجتمع السعودي، وهي استئجار فرق الأفراح مثل العرضات والطقاقات لإضفاء أجواء البهجة على المناسبات، لكن حين انتقلت هذه العادة إلى الملاعب، تحولت إلى مشكلة معقدة، لأنها ببساطة حولت المدرجات إلى مسرح تمثيل جماهيري بلا ولاء.
واللافت أن بعض الأندية التي كانت تملك روابط جماهيرية أصيلة سقطت في هذا الفخ، وأصبحت تعتمد على هذه الجماهير المستأجرة لسد الفراغ، والمفارقة المضحكة – والمبكية في آن – أن أفراد تلك الروابط قد تجدهم أكثر حماساً لانتصار أندية جماهيرية كبرى مثل الهلال أو النصر على النادي الذي استأجرهم، لأن ولاءهم الحقيقي ليس للنادي، بل لمن يدفع.
إن مشكلة الحضور الجماهيري أعمق من قضية “تذاكر مجانية”، ولها أسباب متعددة سأفرد لها مساحة في مقال الغد، استناداً إلى تصريح آخر لبن هامبورغ، لكن المؤكد أن مالك الخلود قدّم درساً عملياً: الجماهير تبحث عن الاحترام والتقدير، لا عن هدايا و تذاكر مجانيّة، وهذا ما يفسر التفاعل الكبير معه حتى وهو يعلن صراحة أنه يفضّل المدرج الهادئ على “التشجيع المزيف”.