حسن السلطان يكتب:” مراجعات تصريحات بن هاربورغ 4″

أطلق بن هاربورغ تصريحًا صريحًا ومهمًا لخص فيه إحدى أخطر مشكلات كرة القدم السعودية حاليًا، حين قال:
“إن بقاء اللاعبين السعوديين البارزين متكدّسين على مقاعد الاحتياط في الأندية الكبرى، ومنع إعارتهم إلى أندية أصغر (مثل نادينا) حيث يمكنهم الحصول على دقائق لعب أكثر استعدادًا لخدمة المنتخب الوطني، أمر غير منطقي.”
هذا التصريح ليس مجرد ملاحظة عابرة، بل جرس إنذار مبكر لمشكلة قد تتحول إلى كارثة كروية على المدى البعيد، فبقاء اللاعبين المميزين في الظل، دون دقائق لعب كافية، لن يضر فقط بمسيرتهم الفردية، بل سينعكس سلبًا وبشكل مباشر على المنتخب الوطني الذي سوف يستضيف كأس العالم 34.
الظاهرة الأخطر التي بدأت تظهر هي “اللاعب غير الطموح” الذي لا يسعى للمنافسة أو إثبات الذات، ويكتفي بدور ثانوي لمجرد أنه يرتدي قميص نادٍ كبير, وإذا استمر هذا النهج و لو تقرر مستقبلًا مشاركة عشرة لاعبين أجانب أو أكثر في التشكيل الأساسي للفرق، فربما لن نجد لاعبًا سعوديًا أساسيًا في تشكيل أي نادٍ كبير.
في الوقت الحالي، يبدو أن اللاعب الوحيد الذي لا يقبل الجلوس على الدكة ويملك طموحًا حقيقيًا ينافس به الأجانب هو سالم الدوسري، الذي يثبت في كل مباراة أنه لاعب لا يرضى إلا بالمشاركة والتأثير، أما البقية، فيبدو أن طموحهم ينتهي بمجرد الانضمام إلى نادٍ كبير، حتى لو كان ذلك يعني الجلوس خارج الملعب معظم الوقت.
الأمثلة على عمق المشكلة كثيرة:
العويس، حارس المنتخب الأساسي، انتقل من اللعب أساسياً في الأهلي إلى الجلوس احتياطيًا في الهلال في المواسم السابقة،
فراس البريكان ترك مقعده الأساسي في الفتح ليصبح احتياطيًا في الأهلي، و هناك حسان تمبكتي انتقل من ركيزة أساسية في الشباب إلى مقاعد بدلاء الهلال لمدة موسمين قبل أن يفضله إنزاغي على البليهي، و لا ننسى متعب الحربي الذي يمر بالمصير ذاته للأمثلة السابقة.
هذه الحالات تكشف أن المشكلة ليست سطحية أو فردية، بل متجذّرة وتزداد تعقيدًا مع الوقت، و إذا لم يُتَّخذ قرار حاسم، فقد نجد أنفسنا أمام منتخب ضعيف عاجز عن المنافسة حتى في نطاق الخليج.
من بين الحلول الجادة التي يجب النظر فيها:
– عدم استدعاء أي لاعب احتياطي للمنتخب الوطني، أياً كان اسمه أو ناديه.
– إجبار الأندية الكبرى على إعارة لاعبيها الاحتياطيين خلال فترات الانتقالات الشتوية إذا تأهل المنتخب إلى كأس العالم، مع استمرارها في دفع رواتبهم، خصوصًا أن جميع هذه الأندية تحت مظلة الدولة تقريبًا حتى الآن.
إن الرواتب الضخمة التي يتقاضاها اللاعبون وهم خارج التشكيل الأساسي تجعل من السهل عليهم قبول دور ثانوي، وهذا ما يقتل الطموح ويضعف روح المنافسة، والأسوأ أن بعض الأندية نفسها باتت تقتنع بأن اللاعب السعودي مناسب للدكة فقط، لا للمشاركة الأساسية.
من المؤسف أن نرى لاعبين مثل صالح الشهري، الذي ظل احتياطيًا في الهلال ثم في الاتحاد، أو فراس البريكان في الأهلي، أساسيين في المنتخب على حساب مهاجم مثل عبدالله السالم، الذي كان أفضل مهاجم سعودي في الموسم الماضي مع الخليج قبل انتقاله هذا الموسم إلى القادسية.
في الختام، تصريحات بن هاربورغ تسلط الضوء على جرح عميق في كرة القدم السعودية، وإذا لم يُعالج هذا الخلل سريعًا بقرارات جريئة وحازمة، فإن المنتخب الوطني سيفقد هويته التنافسية، وسيصبح أقصى طموح نجومه الجلوس على مقاعد البدلاء في أنديتهم،
الطموح هو ما يصنع الفارق، وبدونه لن تجدي قوة الدوري ولا الأسماء الأجنبية الكبيرة نفعًا في تطوير اللاعب السعودي.