مقالات رأي

حسن السلطان يكتب:” مراجعات تصريحات بن هاربورغ 5″

 

من الرائع أن تحظى هذه السلسلة بتفاعل كبير من المتابعين والمهتمين بالشأن الرياضي، وسأختمها بهذا المقال، مع أنني قد أعود لاحقًا للحديث عن تجربة بن هاربورغ ومسيرة نادي الخلود وتطوّره، غير أن هناك قضايا مهمّة تستحق الوقوف عندها والتعمّق في مناقشتها.
كتب بن هاربورغ في حسابه على منصة “إكس”:
“وسنقوم أيضاً بتطبيق بعض من أكثر التوصيات العملية (التي قدّمها الجمهور له) : سحوبات وهدايا، توفير المياه (مجاناً) إلى مقاعدكم، مراوح ووحدات تكييف في المدرجات، حافلات للنقل من مواقف السيارات، منطقة جماهيرية تحتوي على ألعاب وجوائز، عربات طعام، ودورات مياه نظيفة.”
في هذا الكلام لفت نظري أمر بالغ الأهمية، وهو توفير وحدات التكييف في المدرجات، وهو أمر ليس بالصعب في ملاعبنا، وكان من المفترض أن تكون الملاعب الحديثة مثل ملاعب الاتفاق والشباب والفتح قد عالجت هذه المشكلة بالفعل.
قبل فترة بسيطة، زرت بعض الأصدقاء في مدينة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية، وعند دخولي منزل أحدهم الذي أقمت فيه ليوم واحد، فوجئت بأن المكان بارد جدًّا رغم أن وحدة التكييف كانت صغيرة الحجم بحيث يستطيع شخص واحد حملها و ثقيلة نسبيًا، لكنها ليست بحجم مكيفات النوافذ التقليدية في السعودية.
أخبرني صديقي أن هذه الوحدة تكفي لتبريد المنزل بأكمله، وهو ما لمسته فعليًا، وأضاف أنه قبل سنوات لم تكن هناك حاجة للمكيفات، إذ كانت المراوح كافية، لكن ارتفاع درجات الحرارة مؤخرًا جعل التكييف ضروريًا، رغم أن دنفر مدينة باردة في معظم شهور السنة وتبدأ فيها تساقط الثلوج من شهر سبتمبر.
تذكّرت أيضًا كأس العالم 1994، في أول مشاركة لمنتخبنا الوطني، إذ لم نسمع أحدًا يشتكي من حرارة الطقس في مباريات النهار، أما هذا الصيف، فقد كانت الشكاوى من الحرارة حاضرة في مباريات كأس العالم للأندية، وبدأت الدوريات تأخذ فترات استراحة خلال الأشواط لشرب الماء.

ارتفاع درجات الحرارة عالميًّا حقيقة لا يمكن إنكارها، فكيف بدولة مثل السعودية التي يمتد فيها الصيف طويلًا؟ ورغم ذلك، ما زالت الملاعب لدينا تفتقر حتى إلى مراوح بسيطة أو رذاذ منعش، فضلًا عن أنظمة التكييف.
من الجميل التفكير في تطبيق تجربة التبريد المستخدمة في مجمع كتارا قطر، والتي أثبتت نجاحها بشكل كبير، إذ يمكنك أن تتمشّى في أيام الرطوبة وتشعر بأن الجو معتدل ومريح، و أرى أن تطبيق هذه التقنية في ملاعبنا الحالية أمر ممكن وسهل التنفيذ وسريع الأثر.

صدقوني، الشخص العادي لن يذهب إلى الملاعب في أجواء حارة، ولا يمكن مطالبته بذلك، لأن التجربة حينها ليست ممتعة بل تتحوّل إلى معاناة، خاصة مع الإهمال الواضح في أبسط الأساسيات مثل توفير المياه – فضلًا عن المياه الباردة.
لقد كانت قطر سبّاقة في مشروع الملاعب المكيّفة منذ إعلانها عن استضافة كأس العالم 2022، ونجحت التجربة بشكل لافت، وأرى أن جعل الملاعب المكيّفة قاعدة في السعودية هو خطوة ضرورية يجب أن نأخذها بجدية، فلا ينبغي لنا أن نسخر من انخفاض الحضور الجماهيري لأسباب كهذه، لأن الراحة المناخية عامل أساسي في تجربة المشجع، ولا يمكن تجاهله في بيئة شديدة الحرارة كبيئتنا.
إن الحديث عن تطوير بيئة الملاعب لا يقل أهمية عن الحديث عن جودة الفرق أو خطط التسويق أو الأسعار، فالملعب هو نقطة الالتقاء بين المشجع والرياضة، وإذا كانت هذه النقطة طاردة بسبب الحرارة أو الإهمال، فلن تنجح كل الجهود الأخرى.
لذلك، فإن ما طرحه بن هاربورغ ليس مجرد فكرة جانبية، بل هو مفتاح أساسي لتحسين تجربة الحضور، وعلينا أن نتعامل معه كأولوية قصوى في مسار تطوير كرة القدم السعودية وجذب الجماهير للملاعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com