صادق العبدالله يكتب:”رحلة البحث عن الحل المفقود”

لم تعد ظاهرة تغيير المدربين في وسط الموسم مجرد استثناء بل أصبحت مشهداً مألوفاً في ملاعبنا حتى أن بعض الأندية تصل إلى الرقم القياسي بتغيير لأكثر من مدرب خلال موسم واحد.
مشهد يطرح تساؤلات عميقة: هل الخلل في المدربين حقاً؟ أم في اللاعبين؟ أم أن أصل الداء إداري؟
في كثير من الأحيان يصبح المدرب هو الحلقة الأضعف في المنظومة فهو أول من يواجه الغضب الجماهيري والإعلامي وأول من يُستبعد حين تتعثر النتائج.
لكن السؤال الجوهري: هل المشكلة فنية بحتة يمكن أن يحلها تبديل مدرب بآخر؟ أم أن الأمر أكبر من مجرد تغيير الاسم على دكة الاحتياط؟
قد يكون المدرب ضحية “لاعبين” لا يمتلكون الانضباط أو الحافز أو يعانون من ضعف فني لا يمكن ستره مهما تغيرت الخطط والأساليب. المدرب يمكنه أن يرسم التكتيك ويحفز اللاعبين لكن لا يمكنه أن ينزل إلى الملعب ليقاتل بدلاً عنهم. حين تغيب الروح والمسؤولية تصبح أي خطة مجرد ورق على الهامش.
واحيانا يكون المدرب صاحب تنظير وعمله مميز على الورق فقط بمعنى آخر ” ماعنده كتشنه ” وهنا يأتي دور التوفيق في الاختيار.
الحقيقة التي يتغاضى عنها الكثير أن الإدارة هي العقل المدبر لأي مشروع رياضي. غياب الرؤية والتخبط في اختيار المدربين وسوء التخطيط في استقطاب اللاعبين والقرارات الانفعالية تحت ضغط النتائج
كلها أسباب تؤدي إلى فوضى المواسم. الإدارة التي لا تملك مشروعاً طويل المدى ستظل تدور في دوامة التغييرات دون أن تصل إلى بر الأمان.
وراء كل تغيير مدرب توجد أرقام تتراكم فسخ عقود ورواتب ومقدمات وغرامات. ملايين تصرف على تغييرات لا تصنع فارقاً ملموساً. وفي نهاية الموسم تُطوى الصفحة بلا منجز ليبقى النادي مثقلاً بالديون والجماهير مثقلة بخيبة الأمل. فمن يتحمل المسؤولية؟ من يدفع ثمن الفشل؟ في الغالب النادي نفسه وتاريخه قبل أي طرف آخر.
تغيير المدربين ليس حلاً سحرياً بل قد يكون أحياناً هروباً من مواجهة المشكلة الحقيقية. النجاح في كرة القدم ليس وليد “أسماء” تتعاقب على الخطوط بل وليد مشروع متكامل إدارة رشيدة ورؤية واضحة ولاعبين ملتزمين وجهاز فني يجد البيئة المناسبة للعمل. أما الاستمرار في لعبة الكراسي الموسيقية على دكة التدريب فلن يجلب سوى نتيجة واحدة موسم آخر يضيع.. وحصيلة لا شيء.