منوعات

فيلم “هجرة” للمخرجة السعودية شهد أمين يحصد جائزة أفضل فيلم آسيوي في مهرجان فينيسيا

الكأس: مروة حسن

حصد فيلم “هجرة” أحدث الأعمال الروائية الطويلة للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين جائزة “نتباك” لأفضل فيلم آسيوي في ختام مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، ليؤكد الحضور العالمي المتواصل للسينما السعودية.

ويأتي هذا العمل بعد ستة أعوام من تجربتها الأولى “سيدة البحر” عام 2019، التي عُرضت لأول مرة في المهرجان نفسه.

يستعرض الفيلم قصة رحلة حج عام 2001، حيث ترافق الجدة “سِتّي” (خيرية نظمي) حفيدتيها “جنى” (لمار فادن – 12 عاماً) و”سارة” (18 عاماً)، وأثناء استراحة قصيرة تختفي سارة فجأة، لتتحول الرحلة إلى مسار طويل من البحث عبر مدن مختلفة وصحارى ممتدة وطرق وعرة، يكشف عن صراع داخلي بين الأجيال، بين جيل غارق في الذاكرة والخوف، وجيل يطلب الحرية والاختيار.

تجسّد “سِتّي” حضوراً متماوجاً بين الصرامة والارتباك، بينما تمثل “جنى” انتقال الطفولة إلى وعي جديد، أما “سارة” فتبقى حضوراً رمزياً للتمرّد المفقود، ويظهر على الطريق السائق “أحمد” (نواف الظفيري) الذي يبدأ نصاباً يبيع ماءً مغشوشاً للحجاج ويعامل الجدّة وحفيدتها بخشونة، قبل أن يعود ليعرض المساعدة، فيكشف عن شخصية رمادية متناقضة تجمع بين القسوة والرحمة، وتضيف بُعداً اجتماعياً يعكس طبيعة تلك المرحلة.

كما ينسج مع “جنى” علاقة وديّة قائمة على الطرافة ودندنة الأغنيات، ما يمنح الرحلة بعداً إنسانياً آخر.

يتحوّل الطريق في الفيلم إلى بطل درامي موازٍ؛ فالصحراء الشاسعة، والجبال، والمدن الصغيرة، والطقس القاسي تتحول إلى لغة سينمائية تكشف عن قسوة الواقع وتثقل شخصياته، وهذا الاستخدام جعل من الأمكنة أكثر من مجرد خلفية، بل استعارة عن الفقد والذاكرة والعبور الوجودي.

يسير الإيقاع ببطء مقصود، يمنح المشاهد وقتاً للتأمل في ثقل الزمن النفسي، بعيداً عن التصعيد الدرامي التقليدي، ومع اقتراب النهاية، ينفتح الفيلم على مشهدية رمزية أقرب إلى الواقعية السحرية، تترك التأويل مفتوحاً: تحرر من عبء الماضي، أو ولادة زمن جديد، أو قدرة الجيل الصغير على مواجهة وحدته.

جاء الفيلم بإنتاج مشترك بين فيصل بالطيور، محمد الدراجي، ومحمد حفظي، بدعم من فيلم العُلا، مسابقة “ضوء” التابعة لهيئة الأفلام، صندوق البحر الأحمر، مركز إثراء، والهيئة الملكية لنيوم.

وقد استمر تصويره 58 يوماً في مواقع سعودية متعددة شملت: المدينة المنورة، تبوك، العُلا، جدة، نيوم، ضبا، وتيماء.

ويشارك في بطولته إلى جانب نواف الظفيري، وخيرية نظمي، ولمار فادن: براء عالم، رغد بخاري، وعبدالسلام الحويطي.

يُقدّم “هجرة” تجربة سينمائية سعودية متقنة تقنياً وبصرياً، تتوزع قراءاتها بين الاجتماعي والنفسي والجندري والوجودي، وتؤكد أن السينما السعودية باتت تمتلك الأدوات العالمية، بينما تواصل في الوقت نفسه بحثها عن صوتها السردي الخاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com