ماجد الغامدي يكتب:”انقذوا الفئات السنية”

الفئات السنية في كرة القدم تمثل المرحلة الحاسمة لتشكيل عقلية اللاعب وصقل مهاراته، فهي ليست مجرد منصة للبحث عن الانتصارات أو البطولات، بل هي مرحلة تكوين تُبنى فيها الأسس التي تُمكّن اللاعب من المنافسة في أعلى المستويات. للأسف، هناك كيانات رياضية تركز بشكل مفرط على تحقيق نتائج سريعة، دون أن تولي اهتمامًا حقيقيًا لتطوير اللاعبين. هذه البطولات الوهمية قد تُرضي الإدارات والجماهير مؤقتًا، لكنها لا تُنتج لاعبين قادرين على تحقيق استدامة رياضية أو منافسة حقيقية في المستقبل.
اللاعب في الفئات السنية يحتاج إلى استراتيجيات فنية مدروسة تُساعده على بناء ثقته بنفسه وفهمه العميق للعبة. واحدة من هذه الاستراتيجيات هي أسلوب البناء من الحارس، الذي يُعلم اللاعبين كيفية التعامل مع الكرة تحت الضغط، وكيفية التدرج بها من الدفاع إلى الهجوم. هذا النهج لا يُركز فقط على المهارة الفردية، بل يُعزز التفكير الجماعي، حيث يُصبح اللاعب جزءًا من منظومة تعتمد على التعاون والتواصل لفك ضغط الخصم.
ما يميز أسلوب البناء من الخلف هو أنه يُهيئ اللاعبين للتعامل مع ضغط المباريات في المستقبل، ويُعلمهم الصبر واتخاذ القرارات الصحيحة تحت الضغط. هذه المهارات تُصبح لاحقًا جزءًا من شخصية اللاعب، مما يُمكنه من المنافسة في مستويات أعلى. ومع ذلك، من المهم أن يكون هذا النهج محاطًا بفكرة واضحة من المدرب، فكرة يُمكن أن يفهمها اللاعبون والمحللون والجماهير. اللاعب يجب أن يعرف لماذا يُطبق هذا الأسلوب وكيف يُمكن أن يخدمه على المستوى الفردي والجماعي.
على الجانب الآخر، هناك أساليب مثل “اللعب المباشر” التي تُستخدم أحيانًا كغطاء للفوضى التكتيكية. اللعب المباشر ليس مجرد تمرير طويل وإبعاد الكرة إلى ملعب المنافس، بل هو أسلوب تكتيكي له متطلبات واضحة. لتحقيق فاعليته، يحتاج الفريق إلى لاعبين يتمتعون بالسرعة لاستغلال المساحات، أو لاعبين يُعتبرون “محطة” يمكنه استقبال الكرة والمحافظة عليها حتى تأتيه المساندة من زملائه. وإما العمل على كسب الكرة الثانية والضغط في مناطق قريبة من مرمى المنافس .
الفرق بين اللعب المباشر الحقيقي واللعب الفوضوي يكمن في الفهم والتنظيم. اللعب المباشر يعتمد على فكرة واضحة تُنفذ بذكاء، بينما الفوضى ، تُنتج قرارات عشوائية تُضر بتطور اللاعبين.وهذا مانشاهده للأسف في غالبية مباريات الفئات السنية .
عندما تُصبح المباريات في الفئات السنية مجرد صراع على الفوز بأي طريقة، يخسر اللاعب فرصة التعلم والنمو.
ما تحتاجه الفئات السنية هو رؤية طويلة المدى تهدف إلى تكوين لاعب بجودة عالية وعقلية ناضجة. المدرب يجب أن يكون لديه نهج واضح يُركز على تطوير الفرد والمنظومة معًا، دون أن يُضحي بذلك من أجل تحقيق انتصارات قصيرة الأجل. اللاعب الذي يتعلم كيف يُفكر، يُقرر، ويُنفذ داخل الملعب هو اللاعب الذي يُمكن أن يُصبح نجمًا في المستقبل. الفئات السنية ليست مرحلة للبحث عن نتائج مؤقتة، وإنجازات شخصية ، بل هي المكان الذي يُصنع فيه مستقبل كرة القدم.