حسن السلطان يكتب:” بن هاربورغ وخطة إنقاذ الأندية الصغيرة”

يُعد نادي الاتفاق حاليًا مرجعًا في البنية التحتية المثالية للأندية السعودية، وهو ما أكده وزير الرياضة نفسه، وقد بدأت الكثير من الأندية السعودية بمحاكاته، ولا شك لدي أن نادي الخلود بقيادة مالكه الجديد بن هاربورغ سيصبح في المستقبل مرجعًا في الاستثمار السليم في الأندية السعودية.
بصراحة، أكثر من نصف ما يقوله بن هاربورغ لا يُعد مجرد “تفكير خارج الصندوق” بل هو خطة تطوير شاملة لمستقبل الأندية، فهو يمتلك رؤية استثمارية ناضجة ربما لم يُفصح عنها بالكامل بعد.
ومن خلال ما فهمته من مجمل ما يطرحه في منصة إكس، ينوي بن هاربورغ إنشاء مركز تدريب خاص للخلود في الرياض، بحيث يتمكن الفريق الأول لكرة القدم من التدرب هناك، بينما يبقى النادي نفسه في مدينة الرس، حيث يخطط أيضًا لبناء ملعب نموذجي للمباريات أمام جماهير النادي، يعني أن الوضع سوف يبقى كما هو بالنسبة للجماهير، لكن بعض الناس حاولوا تشويه الحقائق بالقول إنه يريد نقل النادي بجميع المرافق إلى الرياض، وهذا غير صحيح و ليس منطقي حيث هناك ثلاثة أندية كبيرة هي النصر و الهلال و الشباب تتقاسم الجماهير.
ولتبسيط الفكرة، أشارككم قصة أخي، حيث قبل عقود، تم تعيينه معلمًا في مدينة صغيرة وأراد الانتقال إلى الدمام حيث نسكن، قيل له إنه يستطيع ذلك إذا وجد من يبادله المكان، وبالفعل وجد شخصًا من تلك المدينة يعمل بالدمام لكنه رفض التبادل لأنه كان يبحث عن مدينة تنبض بالحياة، وهذا أمر معروف، فمثلًا كثير من أهالي الجنوب انتقلوا للعيش في الدمام وجدة وأصبح لهم وجود مركزي كبير هناك.
هذا بالضبط ما يفكر فيه بن هاربورغ: تسهيل إبرام الصفقات مع اللاعبين. فالعرض المالي وحده لم يعد إغراءً كافيًا، وحتى اللاعب السعودي يرفض المدن الصغيرة، فما بالك بالأجنبي- خصوصًا الأوروبي الذي يعيش في مدن كبيرة تتوفر فيها مختلف جوانب الحياة، وخاصة إذا كان لديه عائلة، لذلك من السهل أن يفضل عرضًا آخر محليًا أو خارجيًا في مدينة أفضل حتى لو كان العرض المالي أقل.
نقل مركز التدريب فقط إلى الرياض يعني أن حياة اللاعبين ستكون في مدينة تتوفر فيها جميع متطلبات الحياة وتتطور بسرعة، وهذا عامل تحفيزي مهم لقبول العروض.
ولا ينبغي للجمهور أن يقلق بشأن مكان تدريب الفريق فقط -حتى لو كان في المريخ- فالمهم أن المباريات تُلعب في مدينتهم بالرس أو بالقرب منها، حيث أن النادي كمنشأة سيبقى في الرس بما يحتويه من ألعاب وأنشطة لخدمة أبناء المدينة، كما أن فرق الفئات السنية والأكاديميات ستبقى في مكانها.
عندما انتقل نادي الاتفاق من مدينة الدمام إلى حي تابع لمدينة الخبر، هل تأثر الوضع العام؟ هل تأثر الجمهور؟ بالطبع لا، و الأهم أن المباريات كانت تُقام في الدمام، وأنا أجزم أن كثيرًا من جماهير الاتفاق في المنطقة الشرقية لم يسبق لهم زيارة مقر النادي ولا يهمهم أين يقع أو أين يتدرب الفريق.
خطة بن هاربورغ، إذا ما نفذتها جميع الأندية الصغيرة من خلال بناء مراكز تدريب في المدن الكبرى، ستغير الكثير من المعادلات وسترفع جودة الحياة للاعبين الأجانب والمحليين.
وحتى في المنطقة الشرقية المميزة جدًا، قد يفضل بعض المحترفين الأجانب العيش في البحرين على الدمام أو الخبر لأنها أقرب إلى نمط حياتهم في أوروبا.
إن هذا الرجل يريد أن يجعل نادي الخلود ناجحًا بكل المقاييس، فلا تستمعوا لما يقوله الآخرون، بل استمعوا له هو فقط وافهموا أهدافه ورؤيته، وستدركون أنه يبني شيئًا سيغير مستقبل الأندية السعودية.