لبنى عبدالعزيز تتألق في «المحامية».. مسلسل سعودي يواصل الصدارة ويعيد رسم ملامح الدراما الخليجية الحديثة

الكأس: مروة حسن
يواصل المسلسل السعودي «المحامية» حصد النجاح والتفاعل الكبير على منصة شاهد، بعدما رسّخ مكانته كأحد أقوى وأعمق الأعمال الدرامية الخليجية التي قدّمتها الدراما السعودية في السنوات الأخيرة.
العمل الذي انطلق عرضه في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي مازال يواصل تصدّره للمشهد الدرامي العربي، إذ تُطرح حلقاته الجديدة كل خميس وسط انتظار جماهيري واسع وتفاعل لافت من الجمهور والنقاد على السواء.
يقدّم «المحامية» دراما قانونية وإنسانية من الطراز الرفيع، تجمع بين الفكر والوجدان، وتغوص في أعماق النفس البشرية من خلال قضايا واقعية تمس المجتمع العربي بكل تفاصيله.
تدور الأحداث حول رحلة المحامية «مها»، التي تخوض صراعًا مريرًا بين ضميرها القانوني ومشاعرها الإنسانية، لتجد نفسها في مواجهة قضايا تمسّ النساء والأزواج والأسر، في قالب واقعي جريء ومليء بالمفاجآت.
تألّقت النجمة لبنى عبدالعزيز في تقديم الشخصية ببراعة نادرة، إذ جسدت «مها» بصدق إنساني يُشعّ من كل مشهد، وقدّمت مزيجًا فنيًا بين القوة والانكسار، العقل والعاطفة، ما جعلها محور العمل ونبضه الحقيقي، وقد أثنى الجمهور والنقاد على قدرتها على نقل الصراع النفسي لشخصيتها بشكل عميق ومقنع، مؤكدين أنها أعادت تعريف البطولة النسائية في الدراما الخليجية، وأثبتت أنها قادرة على حمل العمل بأكمله على عاتقها.
وتميز النجم محمد القس بدوره المحوري، مقدّمًا أداءً متوازنًا أضفى على العمل أبعادًا نفسية وإنسانية، ليصبح حجر الزاوية في المشاهد المعقدة، بينما تألق عبدالرحمن بن نافع في تجسيد شخصية غامضة ومعقدة أثرت في المشاهدين وأثبتت قدرته على تقديم أدوار مركبة.
وأضفى النجم سعد الشطي لمسة شبابية وحيوية على الأحداث، حيث أجاد المزج بين الجدية والمرح بطريقة جذابة، فيما نجحت ليلى مالك في نقل الصراع الداخلي لشخصيتها بحساسية وصدق، مقدّمةً صورة رقيقة للجانب الإنساني وسط التوتر القانوني.
وظهر النجم هاشم نجدي كأحد أبرز مفاجآت الموسم، حيث جسد شخصية دقيقة التفاصيل وأثبت أنه أحد المواهب الواعدة التي ستترك أثرًا واضحًا في الدراما الخليجية في السنوات القادمة.
كما أضاف الحضور الطفولي للطفلين رائد عسيري وعبدالله عمار عمقًا ودفئًا للعمل، حيث قدّما أداءً طبيعيًا صادقًا جذب إعجاب الجمهور وأكسب المشاهدين تجربة إنسانية متكاملة.
العمل من تأليف الكاتبة نورة العمري التي صاغت نصًا متقنًا يجمع بين الواقعية القانونية والعمق الإنساني، مبتعدة عن المبالغة، ومقدّمة حوارات ذكية ولغة فصيحة تمسّ القلب والعقل معًا.
أما المخرج جاسم المهنا فقد نجح في تحويل النص إلى لوحة بصرية آسرة، مزج فيها الضوء والموسيقى والزوايا التعبيرية ببراعة عالية، ليقدّم تجربة متكاملة تجمع بين الحس الجمالي والصدق الواقعي.
الكواليس كانت مليئة بالأجواء الإيجابية بين فريق العمل، حيث سادت روح التعاون والبهجة أثناء التصوير، ما انعكس على الأداء المتميز والتجانس بين الممثلين على الشاشة، وأضفى على العمل مصداقية وعمقًا فنيًا.
منذ عرض أولى حلقاته، تحوّل «المحامية» إلى محور نقاش واسع بين الجمهور في السعودية والخليج والعالم العربي، إذ اعتبره كثيرون نقلة نوعية في الدراما السعودية التي بدأت تنافس بقوة على المستوى العربي من حيث النص والإنتاج والإخراج.
ويستمر عرض حلقات المسلسل أسبوعيًا بواقع حلقتين كل خميس عند منتصف الليل بتوقيت القاهرة والرياض، حيث تتحوّل كل حلقة إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي لما تحمله من مفاجآت وحبكات متصاعدة، ويترقب الجمهور الأحداث بفارغ الصبر، خصوصًا بعد تصاعد الصراع النفسي الذي تعيشه البطلة.
ويرى النقاد أن «المحامية» تجربة متكاملة من حيث النص والإخراج والأداء، مقدّمة نموذجًا للدراما الهادفة التي تجمع بين الفكر والمتعة البصرية، كما أثنى الجمهور على تصوير المرأة الخليجية بصورة متكاملة: قوية، ذكية، صانعة قرار، وقادرة على موازنة المبدأ بالمشاعر دون أن تفقد إنسانيتها.
ومع تصاعد الأحداث واستمرار النجاح، تتزايد الدعوات من الجمهور لمواصلة العمل بجزء ثانٍ، خاصة مع الشعبية الكبيرة التي يحققها المسلسل خلال فترة عرضه، ويُجمع النقاد والجمهور على أن «المحامية» لم يعد مجرد مسلسل قانوني، بل أيقونة درامية سعودية أعادت تعريف هوية الدراما الخليجية الحديثة، وأثبتت أن الفن السعودي يعيش ذروة مجده، حيث تتقاطع العدالة مع الإنسانية في أرقى صورها، وتُشرق من خلاله ملامح جيلٍ جديد من المبدعين يقود صناعة الدراما العربية بثقة واقتدار.



