مقالات رأي

أحمد الكاموخ يكتب:”بين النجوم الكبار والاستثمار في المواهب الشابة بدوري روشن

 

يُعد الدوري السعودي للمحترفين، في السنوات الأخيرة، واحدًا من أكثر الدوريات طموحًا في العالم، حيث نجح في استقطاب نجوم كبار مثل كريستيانو رونالدو، نيمار، وبنزيما. هذا التوجه، الذي يعتمد على جلب أسماء لامعة بأعمار متقدمة، يهدف إلى رفع مكانة الدوري عالميًا، زيادة الإقبال الجماهيري، وتعزيز العائدات التجارية. لكن، هل هذه الاستراتيجية هي الأنسب على المدى الطويل؟ أم أن الاستثمار في مواهب شابة بقيمة سوقية عالية وأعمار لا تتجاوز 22 عامًا، مع عقود طويلة الأمد، قد يكون خيارًا أكثر استدامة؟

استقطاب النجوم الكبار، مثل رونالدو، يحمل فوائد فورية. هؤلاء اللاعبون يجلبون معهم قاعدة جماهيرية عالمية، مما يعزز من قيمة حقوق البث والرعاية. فعلى سبيل المثال، انضمام رونالدو إلى النصر عام 2023 ساهم في زيادة الاهتمام الإعلامي بالدوري، وألهم أندية أخرى للسير على النهج ذاته. كما أن خبرة هؤلاء اللاعبين ترفع مستوى التنافسية، وتوفر فرصة للاعبين المحليين للتعلم منهم. لكن، هذه الاستراتيجية تواجه تحديات، أبرزها التكلفة المالية العالية لرواتب هؤلاء النجوم، إلى جانب فترة استفادة قصيرة نسبيًا بسبب أعمارهم المتقدمة. غالبًا ما تكون عقودهم قصيرة (1-3 سنوات)، مما يقلل من فرص تحقيق عائد استثماري طويل الأمد.

في المقابل، الاستثمار في مواهب شابة بقيمة سوقية لا تقل عن 30 مليون يورو وأعمار دون 22 عامًا يمكن أن يكون خيارًا استراتيجيًا أكثر استدامة. هؤلاء اللاعبون، مثل فينيسيوس جونيور أو جود بيلينغهام في بداياتهم، يمتلكون إمكانيات هائلة للتطور، مما يجعلهم أصولًا قابلة للتسويق مستقبلًا. من خلال توقيع عقود طويلة (5 سنوات أو أكثر)، يمكن للأندية السعودية بناء فرق قوية، مع إمكانية بيع هؤلاء اللاعبين لاحقًا بأسعار مرتفعة في حال تألقهم. على سبيل المثال، نادي بوروسيا دورتموند الألماني اشتهر بهذا النموذج، حيث يستقطب مواهب شابة مثل إرلينغ هالاند ثم يبيعها بأرباح ضخمة.

هذا النهج يتطلب بنية تحتية قوية لاكتشاف المواهب، سواء عبر شبكات كشافين عالمية أو التعاون مع أكاديميات أوروبية وأمريكية لاتينية. كما يحتاج إلى صبر استراتيجي، لأن النتائج قد لا تظهر فورًا مقارنة بالتأثير السريع للنجوم الكبار. لكن الفوائد طويلة الأمد تشمل تعزيز الاستدامة المالية، بناء هوية تنافسية للدوري، وتطوير اللاعبين المحليين من خلال الاحتكاك بمواهب شابة طموحة.

إلغاء فكرة التعاقد مع النجوم الكبار قد لا يكون ضروريًا بالكامل، لكن تحقيق توازن بين استقطاب أسماء لامعة وتطوير مواهب شابة يبدو الحل الأمثل. يمكن للدوري السعودي أن يستفيد من جاذبية النجوم الكبار لتعزيز مكانته، مع تخصيص جزء من الميزانية للاستثمار في الشباب، مما يضمن استدامة النجاح وتحقيق أرباح مستقبلية. هذا التوازن سيجعل الدوري السعودي قوة عالمية حقيقية، قادرة على المنافسة ليس فقط على المستوى الرياضي، بل أيضًا في سوق الانتقالات العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com