حسن السلطان يكتب:”نادي الخليج ونموذج البايرن (1)”

يستحق نادي الخليج أن نتحدث عنه بإعجاب، فربما ما يقدمه هذه الأيام من مستوى مميز في كرة القدم، وتقدمه في سلم الترتيب، وتأهله المستحق إلى ربع نهائي كأس الملك، كلها شواهد تفرض تسليط الضوء على نجاح هذا النادي الكبير.
من يتابع مسيرة النادي عن قرب خلال العقود الماضية، يدرك أنه مميز بطبيعته، وأن ما كان ينقصه فقط هو استثمار سنوات العمل الطويلة في تطوير اللعبة الأكثر شعبية، كرة القدم، ليصل إلى هذه المرحلة المهمة من النضج والتكامل.
قد يكون نادي الخليج هو النادي الوحيد بين أندية دوري المحترفين الذي يمكن القول إن جميع جماهيره زاروا مقر النادي مرة أو أكثر، وبعضهم ارتبطت حياته بالنادي ارتباطًا وثيقًا، حتى أنك لا تكاد تجد في سيهات مشجعًا حقيقيًا لم يسبق له زيارة النادي.
هذا الانتماء العميق والارتباط الوجداني يعكسان طبيعة العلاقة الفريدة بين النادي ومجتمعه.
أما أكثر ما يثير الإعجاب في نادي الخليج فهو أن الإدارات الناجحة فيه ترحل طوعًا بعد أن تكمل دورتها الطبيعية، رغم دعوات المجتمع لها للاستمرار، لكن الخليج أصبح نموذجًا يُحتذى في عدم التعلق بالمناصب، وفي تجديد الدماء لضمان استمرار التطور والتوازن.
النادي لا يشعرك بوجود إدارة راحلة وأخرى قادمة، فالانتقال يتم بسلاسة مدهشة، والتنظيم الإداري يضمن استمرار العمل دون انقطاع، مما يجعل النادي حالة فريدة في الكرة السعودية، الاستقرار الإداري، والتدرج المؤسسي، وروح الفريق الواحد هي عوامل تشبه إلى حد كبير نموذج بايرن ميونخ الألماني، الذي يعتمد على منظومة لا تتأثر بالأسماء، بل تقوم على مبدأ المؤسسة المستقلة القوية.
إن ما يقدمه نادي الخليج اليوم ليس نجاحًا عابرًا، بل نتيجة طبيعية لثقافة مؤسسية متجذّرة في الانضباط، والشفافية، والعمل الجماعي، وهذه مقدمة فقط لما سأطرحه في الجزء الثاني عن هذا النادي المميز الذي قد يكون بالفعل “نموذج البايرن” في الكرة السعودية.


