مقالات رأي

حسن السلطان يكتب:” نادي الخليج و نموذج البايرن (2)”

 

عندما نتحدث عن نادي الخليج ككيان رياضي واجتماعي، لا يمكن أن نغفل الدور الكبير الذي لعبه الحاج عبدالله المطرود ( رحمه الله )، الرجل الذي غرس في أرض سيهات قيم نكران الذات والعمل الجماعي، فأنبتت جهوده أجيالًا من الرجال المخلصين الذين حملوا راية النادي والمجتمع بكل حب وإخلاص.
لقد كانت عائلة المطرود أول من سار على خطى هذا النهج الأصيل، وواصلت مسيرة العطاء بروح المسؤولية والتواضع،
ويكفي أن نذكر محمد المطرود، الذي ترأس اتحاد كرة اليد السعودي، وترك بصمة تاريخية لا تزال آثارها حاضرة حتى يومنا هذا، إذ أحدث نقلة نوعية في اللعبة انعكست على مستوى المنتخبات والأندية على حد سواء.
الجميل في عائلة المطرود أنها لم تكن تبحث عن النفوذ أو السيطرة، بل كانت أشبه بـ مظلّةٍ اجتماعية تحمي وتوجّه، فكانت مرجعًا موثوقًا للمؤسسات الاجتماعية في سيهات من النادي إلى الجمعية دون أن تُقصي أو تُهمّش أحدًا، فقد بقيت الأبواب مفتوحة أمام المجتمع لاختيار مجالسه وإدارته، وهو نهج نادر يُجسّد العمل المؤسسي الحقيقي.
ولا يمكن أن ننسى كذلك المهندس عبدالله السيهاتي (أبو نجيب)، الذي سار على المنهج ذاته، محافظًا على التوازن بين الأصالة والتطوير، ومعه آخرون كثر من أبناء سيهات ممن أسهموا بصمت في بناء هذا الكيان الكبير.
الكثيرون ربما لا يعرفون أن الحاج عبدالله المطرود كان يمتلك رؤية مستقبلية ثاقبة، وإذا كان الوزير غازي القصيبي (رحمه الله)يُعد مرجعية في الإدارة الحكومية، فإن المطرود يمكن اعتباره مرجعية في العمل الإداري غير الربحي، فقد وضع أسسًا متينة لبناء المؤسسات الغير ربحية لكي تستمر وتزدهر حتى بعد رحيل مؤسسيها.
لذلك سبق نادي الخليج زمانه حين أسّس مشروعًا استثماريًا ناجحًا تمثّل في مركز الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله)، وهو مشروع مثّل خطوة رائدة في تمويل النادي ودعمه، مما منح الخليج دعمًا ماليًا ساعده على التطور المستدام، وكان من المفترض أن تحذو الأندية الأخرى خاصة تلك التي تعاني من أزمات مالية حذوه، بدل الاكتفاء بالاعتماد على الدعم المؤقت أو الحلول السريعة.
إن مشروع الخليج مثل تمهيدًا مثاليًا لمرحلة الخصخصة، فالنادي بات يمتلك مقومات اقتصادية وإدارية تسمح له بالانتقال السلس إلى النموذج الاحترافي، مع الحفاظ على هويته الاجتماعية الأصيلة.
تبقى فقط لمسات بسيطة، إذا ما اكتملت، فسيصبح نادي الخليج بالفعل نموذجًا سعوديًا يحاكي بايرن ميونخ في الجمع بين القوة الإدارية، والاستقلال المالي، والانتماء المجتمعي.
وسأتناول بإذن الله في المقال القادم والأخير تفاصيل هذه اللمسات التي تجعل من الخليج قصة نجاح متكاملة، تصل فيها الفكرة إلى ذروتها، ويكتمل بها المشهد الذي يستحقه هذا النادي العريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com