أحمد الكاموخ يكتب:”النصر أمام ساعة الحقيقة: من منهم يستحق البقاء من المحترفين الأجانب؟”

في ليلةٍ يتسارع فيها نبض الدوري السعودي تحت أضواء المنافسة العالمية، يقف نادي النصر أمام مرآةٍ لا ترحم. بينما يُغلق الهلال أبوابه على نجومه بعد تجديد عقود كل من ياسين بونو، كاليدو كوليبالي، سيرغي ميلينكوفيتش سافيتش، وترقّب لروبن نيفيز، و مالكوم، وليوناردو، حيث يتأمل عشاق العالمي في قائمة محترفيهم بعينٍ حادة. تسعة أسماء أجنبية تتصدر فواتير الرواتب، لكن صوت الجماهير يهز المنصات الرقمية: لا أحد يستحق التجديد. إلا صوتًا واحدًا يعلو فوق الزئير، يهمس باسم جواو فيليكس، الوافد أثبت أنه يستحق كل يورو دُفع من أجله.
القائمة الحالية لمحترفي النصر تجمع بين الأساطير والمخضرمين والمراهنات الصيفية: بينتو حارس المرمى، سيكمان ومارتينيز في قلب الدفاع، بروزوفيتش كمحور ارتكاز، المواليد أنجلينو وويسلي، كريستيانو رونالدو كرمز الهجوم، ساديو ماني على الجناح، كومان الوافد الجديد، وأخيرًا جواو فيليكس ودوران المعار إلى فنربخشة.. حيث تنتهي عقودهم في تواريخ متفاوتة، لكن الجماهير لا تنتظر التقويم – قرارها جاهز.
يبدأ الحديث دائمًا بـكريستيانو رونالدو، الرقم الذي حوّل الدوري إلى مسرح عالمي. عقده ينتهي 2026، وعندها سيكون قد تجاوز الـ 41 أهدافه لا تزال تتساقط كالمطر، لكن الجماهير ترى ما وراء الأرقام: النصر ليس ناديًا للاحتفاء بالماضي، بل لصناعة الألقاب. رونالدو أعطى الكثير، لكنه لم يعد يحمل الفريق وحده. والإدارة تواجه معضلة: هل تُجدد لأسطورة، أم التخطيط لبناء حقبة جديدة؟
ساديو ماني جاء من بايرن ميونيخ بتوقعات تلامس امكانياته كونه توّج بجائزة ثاني افضل لاعب في العالم، لكنه تحول إلى شبح. سرعته خفت، أهدافه ندرت، وتأثيره في المباريات الحاسمة تلاشى. الجماهير لا تريد حتى مناقشة التجديد. نفس الأمر مع بروزوفيتش، الكرواتي الذي كان يُعدّ صمام أمان في إنتر ميلان. اليوم، يعاني من البطء، يفقد الكرات في مناطق قاتلة، ويبدو بأن النصروانيين محقين تماماً عندما تعرف بأن اللاعب اقترب من مرحلة الشيخوخة الكروية، حيث باتت الجماهير تطالب بتعويض خانته فور انتهاء العقد.
أما في الدفاع، مارتينيز يقترب من الـ35 عامًا بنهاية عقده. خبرته لا تُناقش، لكن عامل العمر يكشف العضلات المفتولة.. أما السريع. سيكمان.. فأصبح يعاني من عدم الاستقرار، أخطاء فردية، وغياب عن التركيز في اللحظات الحاسمة.
و كومان، الوافد الجديد، لا يزال تحت المجهر.. الجماهير تنتظر، لكنها لا تضعه في خانة “الثقة المطلقة” مقارنة بجواو.
أما بينتو فلم يقدم مايشفع له بالتواجد بين الخشبات الثلاث.. فيكفيك أن تعرف بأن نواف العقيدي قد حجز مكانه كحارساً أساسياً للفريق.
وإذا ما نظرت إلى المحترفين المواليد أنجلينو وويسلي .. فهما يعيشان حالة من التقلب. أنجلينو يقدم تمريرات عرضية جيدة، وقد تم تغيير مركزه من الجناح إلى الميديانو المتقدم.. لكنه دفاعيًا ضعيف، أما ويسلي فبات ورقة تبديل لاستهلاك التغييرات وسد النقص الحاصل في الفريق إن حصل بسبب الغيابات إن حدثت، وإلا فإن جيسوس لن يغامر بإقحامه أساسياً في أي مباراة قوية وحاسمة.
في هذا المشهد القاتم، يبرز جواو فيليكس كالنور الوحيد. البرتغالي البالغ 26 عامًا جاء من تشيلسي بصفقة أثارت الجدل، لكنها أشعلت حماس الجماهير. لمساته الأولى، تمريراته الذكية، وقدرته على فك شيفرات الدفاع جعلته الاستثناء الوحيد. “فيليكس هو وريث رونالدو”، يرددون في المدرجات. لم يلعب سوى مباريات قليلة، لكنه أظهر لمحات تجعله أمل المستقبل.
لماذا هذا الرفض الجماعي؟ الإجابة تكمن في الواقع المر. النصر ينفق ملايين على رواتب فلكية، لكن الألقاب غائبة منذ سنوات. الجماهير ترى أن التمسك بالنجوم المخضرمين هو خطيئة إدارية. كرة القدم اليوم تحتاج لاعبين في قمة عطائهم البدني والفني. الإصابات، التقلبات، العمر – كلها أعداء للفريق الطامح للهيمنة. الهلال يفهم هذا، لذا يجدد لنجوم في أوج شبابهم. النصر يبدو وكأنه يعيش في عصر ذهبي انتهى.
الإدارة تواجه اختبارًا حقيقيًا. هل تستمع للجماهير وتبدأ ثورة تجديد شاملة؟ أم تتمسك بالنجوم الكبار خوفًا من الفراغ؟ التاريخ يحذر: الأندية التي تمسكت بماضيها خسرت حاضرها. النصر بحاجة إلى دماء جديدة، لاعبين شبابًا، جائعين، يرتدون الأصفر بفخر لا بثقل الرواتب.
الجماهير قالت كلمتها: وداعًا للجميع، إلا جواو فيليكس.



