
الكأس – ظفر الله المؤذن
تراجعت الكرة الإيطالية، وهي المدرسة العريقة في القارة العجوز، وفقدت إشعاعها وبريقها في العالم لدرجة أن منتخب إيطاليا، الملقب بـ”الأزوري”، غاب عن نهائيات المونديال في روسيا، وكرر سيناريو الغياب في مونديال قطر. كما لم تحقق أندية إيطاليا البطولات في مسابقات دوري أبطال أوروبا، ولم تعد أندية إيطاليا الكبيرة قادرة على تحقيق صفقات من العيار الثقيل كما كان الأمر في الماضي، وكانت صفقة كريستيانو رونالدو مع يوفنتوس هي آخر صفقة من العيار الثقيل.
تراجع الاستثمارات
سجلت أندية كرة القدم الإيطالية أسوأ خسارة تراكمية لها في 15 عاماً، رغم ضخ المستثمرين الدوليين أموالاً طائلة في الأعوام الماضية لشراء أندية عريقة مثل “إيه سي ميلان” و”إيه إس روما” وإنتر. أندية الدوري الإيطالي المحترفة سجلت خسارة صافية بلغت 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) في 2022، وفقاً لتقرير أصدرته شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC).
تحسن طفيف بفضل الاستثمارات الأمريكية
شهدت كرة القدم الإيطالية موجة من اهتمام المستثمرين في الآونة الأخيرة، حيث جذبت شركات أمريكية، مثل “رِد بيرد بارتنرز” و”أوكتري” (Oaktree)، ما ساعد الأندية على تحسين أدائها في المسابقات الأوروبية. إلا أن ذلك لم يُترجم إلى تحسين للوضع المالي، إذ تراجعت مبيعات التذاكر وإيرادات البث.
إجمالي خسائر موسم 2021-2022 بلغ 1.3 مليار يورو، ويعود ذلك بشكل أساسي لأثر جائحة كورونا. وارتفعت الديون بأكثر من 4% في العام التالي، ليتجاوز إجمالي الديون 5.6 مليار يورو، وفقاً لتقرير “برايس ووترهاوس كوبرز”.
انخفاض عقود الرعاية
شهدت بطولات دوري الدرجات الأولى والثانية والثالثة في إيطاليا انخفاضاً في إيرادات حقوق البث من 1.38 مليار يورو في موسم 2018-2019 إلى 1.25 مليار يورو في 2021-2022. كما انخفضت عقود الرعاية، وهي مصدر أساسي آخر للإيرادات، بمقدار 3% على مدار السنوات الأربع الماضية. وشهد دوري الدرجة الأولى، الدوري الأهم في إيطاليا، تراجعاً أكبر على صعيد الرعايات خلال الفترة نفسها، نظراً لاعتماده بشكل كبير على السوق المحلية، حيث يعود ما يفوق 80% من عقود الرعاية لشركات إيطالية.
بينما في إنجلترا، موطن الدوري الأكثر ثراءً في أوروبا، والذي يواجه منافسة مستجدة من الدوري السعودي، فإن 53% فقط من العقود تعود لرعاة محليين. بالنسبة لعدد المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، فأندية الدوري الإيطالي صاحبة ثالث أكبر شعبية من حيث التفاعل بعد الأندية الإنجليزية والإسبانية، وفقاً للتقرير. مع ذلك، تقترب أندية فرنسا وألمانيا، التي تحل في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي، من الأندية الإيطالية من جهة عدد المتابعين بشكل سريع.
الموسم الكروي للإيطاليين: تناقضات الإنجازات والإخفاقات
بالإضافة إلى غياب المنتخب الإيطالي عن مونديال قطر للمرة الثانية على التوالي بعد الغياب عن نهائيات كأس العالم في روسيا، كان الموسم الكروي بالنسبة للإيطاليين مليئاً بالتناقضات. فعلى الرغم من وصول ثلاثة أندية إلى ربع نهائي دوري الأبطال، وبلوغ ثلاثة أندية نهائيات المسابقات الأوروبية (إنتر، روما، فيورنتينا)، خسرت جميعها. كما خسر منتخب أقل من 20 سنة نهائي كأس العالم في الأرجنتين أمام أوروغواي، وخسر المنتخب الأول نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية أمام إسبانيا.
معاناة الميلان بعد رحيل بيرلسكوني
في موسم اعتبره البعض حزيناً، جاء رحيل رئيس ميلان السابق سيلفيو برلسكوني واعتزال الأسطورة السويدية زلاتان إبراهيموفيتش، إضافة إلى استقالة المدير التنفيذي باولو مالديني. كل هذا أعاد النادي إلى الواجهة الإيطالية والأوروبية فنياً، لكن مع هموم ومتاعب مالية، حيث يعاني ملاك النادي من قلة الإنفاق. كما خسر يوفنتوس معركته مع القضاء، التي حُسمت بخصم 10 نقاط منعته من المشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل.
المدربون والمؤشرات الإيجابية
رغم الأزمة، وصول ثلاثة مدربين إيطاليين إلى نصف نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية، ووصول منتخب أقل من 20 سنة إلى نهائي كأس العالم، يعكس وجود مواهب ومدربين على مستوى عالٍ.
رغم إنجازات متواضعة مثل تتويج إيطاليا بكأس أمم أوروبا 2021، إلا أن الكرة الإيطالية ما زالت تبحث عن استثمارات جديدة واستراتيجية واضحة لتستعيد بريقها.