مقصورة القنون في عقدة.. إرث وطني ممتد لثلاثة قرون

الكأس – خلف العفنان
على ضفاف جبال أجاء بين فروع النخيل الباسقات في بلدة عقدة بمنطقة حائل تُطِلُ مقصورة “القنون” شاهدة على ماضٍ تليد ممتد لأكثر من قرنين من الزمان كانت المقصورة خلالها تقف شامخة تسطّر ملاحم الكرم وتروي قصص العزة للأجيال وتحاكي صور المروءة والشرف.
ولم يمضِ عام 1150 من الهجرة إلا ومقصورة “القنون” في بلدة عقدة تطاول قمم الجبال التي كانت تحيط بها من جميع الجهات , بعد أن بناها مؤسسها سلامة بن زيدان بن عبدالله بن سلامة الشمري , فكان ذلك العام إيذانا بولادة تاريخها , وظلت شامخة ثلاثة قرون من الزمان شهدت خلالها بعض الترميمات كان أولها في عام 1296 من الهجرة على يد راضي وعثمان ابني قنون بن قنون بن سلامة , وفي عام 1362 من الهجرة أعيد ترميمها على يد أبناء راضي وأبناء عثمان بن قنون , وفي عام 1433 من الهجرة أعيد ترميمها للمرة الثالثة بعد أن قرر أفراد عائلة “القنون” إعادة ترميمها حيث تم الانتهاء من أعمال الترميم في تاريخ 17 – 6 – 1437هـ.
ولكون المقصورة واحدة من أهم المباني الأثرية ذات الطراز الهندسي الفريد في منطقة حائل كان لها أثرا أدبيا أغرى الشعراء بالتغني بها ووصفها وتصويرها , ومن ذلك قول الشاعر عبدالمحسن بن عتيق القنون:
يا قصر حدثني عن أسياد غياب
تحت الثرى يصعب علينا تعديده
قصرن على الجدين عربين الأنساب
أهل المكارم والسجايا الحميده
من قبل راضي ما لها عد وحساب
قصرن بلغ قرنين من بعد سيده
من جانبه أكد عبدالمحسن بن عتيق القنون أحد أعيان عائلة القنون في حديث خص به صحيفة الكأس أن ترميم مقصورة “القنون” الأخير استغرق مدة أربع سنوات بدأت أعماله في عام 1433هـ , وتم الانتهاء منه في مطلع جمادى الآخر من 1437هـ , وقال الشيخ القنون إن المقاول كان يعمل على ترميم المقصورة في فترات متقطعة وهذا ما تسبب في امتداد فترة ترميمها إلى ما يقارب الأربع سنوات , بالإضافة إلى ندرة المواد التي تستخدم في ترميمها حيث يعد الطين الذي يستخدم في الترميم نوعيا ولا يتوفر إلا في مواقع محدودة بمنطقة حائل , مشيرا إلى أن الترميم طال المقصورة والأقسام التابعة لها دون أن يتم زيادة أي غرف أو مضافات جديدة على أصل البناء الحالي.
وعن أقسام المقصورة يقول القنون إنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام , الأول هو مقر الضيافة ويشمل المجلس وغرفتين في الجزء العلوي من المقصورة مخصص للضيوف , والثاني هي المقصورة المعروفة باسم “مكيدة” وتتكون من ثلاثة أدوار وتعد مساكن لأبناء العائلة والتي تعد واسعة في ذلك الزمان , والثالث وهو القسم الجنوبي وهو مخصص لحديثي الزواج.
وبين القنون أن عائلة “القنون” تستقبل الضيوف القادمين لزيارة المقصورة بشكل يومي من بعد صلاة العصر وحتى صلاة العشاء بحضور أعيان وشبان أسرة “القنون” , مشيرا إلى أن المقصورة تشرفت بعدة زيارات رسمية على رأسها زيارة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن مقرن بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة حائل.