خالد موسى يكتب :” بين فرحةِ فوز ٍ وغصة قلب”

إلى صديقي العزيز، الإنسان ، قبل المسؤول، القريب ، قبل كل الألقاب… الدكتور / جاسم بن محمد الياقوت . الرئيس الأسبق لنادي القادسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد…
أكتب إليك هذه الكلمات وقلبي يفيض بمشاعر مختلطة ما بين فرحٍ وغصةٍ ، ما بين الفخر والانتماء والوفاء، وبين التقدير والاحترام لشخصك الغالي ولناديك القادسية الذي طالما أكننت له في قلبي مكان، بحكم علاقتي بك، ومكانتك الخاصة عندي.
بالأمس القريب، احتفلنا نحن عشاق الاتحاد بفوز ثمين وعزيز بنتيجة ٣-١ أمام نادٍ كبير هو القادسية، في مباراة جمعت بين التاريخ والعراقة، وبين الطموح والتحدي. فرحة الفوز لا يمكن إخفاؤها، فهي فرحة امتدت من قلوب اللاعبين إلى المدرجات، إلى شوارع جدة، إلى كل اتحادي عشق هذا الكيان منذ نعومة أظفاره. وكما تعلم، فأنا أحد أولئك الذين تشكل الاتحاد في وجدانهم منذ أكثر من أربعون عاماً، حين كنت أراقب مبارياته كطفل ينبض قلبه بحب لا يعرف شروطًا، ولا يتوقف على نتائج.
الاتحاد يا عزيزي ليس نادياً فحسب، بل هو رواية طويلة من الذكريات، من الأيام التي كان فيها الانتصار حلمًا، إلى الليالي التي سهرنا فيها نردد أهازيجه حتى تعب الحرف منا. هو الشغف الأول، والفرح الأصيل، والانتماء الذي لا تزعزعه رياح الظروف. ولهذا، عندما يفوز، فإن قلبي يزدهر كما يزدهر قلب عاشق سمع صوت محبوبه بعد طول غياب.
لكن رغم هذه الفرحة، ثمة غصةٍ في قلبي واحترام لا يُوصف أشعر به تجاه القادسية، ذلك النادي الذي يحمل اسماً راسخاً في تاريخ الكرة السعودية، نادٍ له رموزه وجماهيره وتاريخه، وله رجال خدموه بصدق، وأنت أولهم، بل وفخرهم اجمعين . فعلى يدك كانت اولى الصفقات الكروية المليونيه ايام منصور البلوي – رئيساً للإتحاد، ومن بعدك تعلمت الفرق السعودية الاخرى ، كيف يكون الاستثمار وكيف تبرم الصفقات ، فأنا للتاريخ اتحدث وللأجيال الصاعدة أُعَلِّمْ .
أعلم أن النتيجة لم تكن كما تمنيتم، وأعلم أن في قلبك بعض الأسى، ليس لأن القادسية خسر، ولكن لأنك دائماً ما كنت تتمنى أن ترى هذا الكيان في مكانه الطبيعي، منافساً شرساً لا يُستهان به، في المقدمة لا في الظل. وهذا الطموح بحد ذاته، هو ما يجعلني أحترمك أكثر، وأعتز بصداقتك.
يا صديقي، ما حدث في المباراة كان تجسيداً لروح التنافس النبيل. القادسية لم يكن خصماً سهلاً، بل كان فريقاً يملك الروح والجرأة، وقد لاحظنا جميعاً أن اللاعبين لم يستسلموا للحظة، بل قاتلوا بشرف حتى النهاية. وهذا يُحسب لهم، وللإدارة والجهاز الفني، ولكل من آمن بالقادسية كمنظومة لا تستسلم مهما كانت العقبات.
ولعلي هنا أستعيد شيئاً من الماضي، حين كنا نجلس سويًا ونتبادل أطراف الحديث عن كرة القدم، في مناسبات كروية دولية عشناها وشاركنا في التنظيم إعلامياً منذ تأهل منتخبنا الوطني للعالم ٩٤ ، تحدثنا معاً عن أحلامنا حين كنا صغاراً، ونقول متى تكون البطولات تقام في بلادنا ومتى يفد مشجعو العالم الينا ؟ وكيف كبر الحلم معنا حتى بات بعضنا مسؤولًا في نادٍ، والآخر عاشقاً وفيًا لا يتخلى. كنت تقول لي دائماً: “القادسية ستعود، وستكون لها كلمتها”، وكنت أصدقك، لا فقط لأنني أثق في نظرتك، بل لأنك كنت تتحدث بإيمان داخلي ، يصنع بإصرار لا يُهزم.
أشعر الآن، وأكثر من أي وقت مضى، أن القادسية قريبة من العودة. لأن النهوض لا يبدأ من فوز في مباراة، بل من فكر وقيادة ورجال يعملون في الخفاء قبل العلن، وأنت كنت ولا زلت أحد أولئك الرجال الذين يجعلون من الحلم مشروعًا، ومن المشروع واقعًا ملموسًا.
أما بالنسبة لي، فالاتحاد سيبقى دائماً ذلك العشق الذي لا يخفت بريقه. فرحتنا بالفوز لا تعني التقليل من قيمة الآخرين، بل هي امتداد لطبيعة كرة القدم نفسها، التي تُفرح فريقًا وتُحزن آخر، لكن تظل الأخلاق والاحترام هي ما يميز الكبار، والأندية العريقة.
وقد تكون هذه الرسالة فرصة لأقول لك شيئاً قد لا أقوله كثيرًا… أنا فخور بصداقتي بك، وفخور بما قدمته لناديك، وأتمنى أن أراك دائمًا في أعلى المناصب، لأنك تملك ما لا يملكه الكثيرون: الشغف الصادق، والنزاهة، والوفاء، والدمعة عند الحاجه .
وفي ختام رسالتي، أقول: نعم، فرحت بفوز الاتحاد، وهتفت له كما أفعل دائمًا، لكنني في ذات الوقت دعوت في سري أن يُعطي الله القادسية فرصة للنهوض من جديد، لأنه نادٍ يستحق، وجمهور يستحق، وذكريات تستحق.
فاز الاتحاد اليوم، لكن العلاقة التي تجمعنا كأصدقاء ومحبين لكرة القدم، هي الفوز الحقيقي الذي يدوم.
ولن أنسى ان أشير إلى حلمنا القديم الذي تحقق بفضل الله عز وجل ثم بفضل ولي عهدنا – محمد بن سلمان – حفظه الله ، عراب روية بلادنا المملكة العربية السعودية، حيث كأس العالم ٢٠٣٤ اصبح واقعاً قريباً ، ادعو الله ان يطيل في اعمارنا وصحتنا ونشارك فيه بقدرتنا وعطاءنا وخبرات إعلامية عشناها من خلال جميع بطولات العالم التي شارك فيها منتخبنا الوطني .
دمت بخير أيها الصديق الوفي، ودام القادسية شامخًا بكم، ودام الاتحاد عشقًا لا ينتهي.
أخوك ومحبك دومًا، خالد بن محمد علي بن موسى