حسن السلطان يكتب:” لماذا لم يتم حل الاتحاد السعودي؟”

البيان الصادر عن الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي ذكر فيه توجيه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي بمعالجة الجوانب التنظيمية لبطولة السوبر، وأُعلن من خلاله إعفاء الأمين العام للاتحاد إبراهيم القاسم من منصبه، أثار كثيرًا من النقاشات والتأويلات في الوسط الإعلامي الرياضي.
بعض الإعلاميين اعتقدوا أن إقالة القاسم ما هي إلا “كبش فداء” بدل من رئيس الاتحاد السعودي ياسر المسحل، لكن في الحقيقة البيان حمل رسائل عميقة تتجاوز هذه النظرة، لذلك يجب التوقف عندها بتمعن.
أول ما يمكن ملاحظته في البيان هو الحرص على استخدام صفة رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية بدلاً من صفة وزير الرياضة، هذه النقطة بالغة الأهمية، لأن ذكر الصفة الوزارية كان سيُعتبر تدخلًا حكوميًا مباشرًا في عمل الاتحاد السعودي لكرة القدم، وهو ما كان سيقود إلى كارثة كروية حقيقية ربما تتمثل في إيقاف النشاط الرياضي لكرة القدم بالمملكة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ولكي نفهم هذه الدقة، يجب أن ندرك أن جميع الاتحادات الرياضية الوطنية، ومنها الاتحاد السعودي، ترتبط مباشرة بالفيفا، وهذه الأخيرة هي الجهة الوحيدة المخوّلة بحل أو إيقاف مجلس إدارة أي اتحاد وطني، و لو ثبت وجود تدخل حكومي مباشر في عمل الاتحاد، فإن ذلك يعرضه للإيقاف الفوري، وهو ما حصل مرارًا مع اتحادات أخرى.
خذ على سبيل المثال الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، الذي واجه تهديدًا صريحًا بالإيقاف من الفيفا بعد أن قررت محكمة في ريو دي جانيرو إقالة رئيسه إدنالدو رودريغيس في ديسمبر 2023 بسبب مخالفات انتخابية، تدخل القضاء المحلي أثار رفض الفيفا، الذي اعتبر ذلك انتهاكًا لاستقلالية الاتحاد، ولو استمرت الأزمة كان من الممكن تعليق مشاركة المنتخبات والأندية البرازيلية في المنافسات الدولية.
أمر مشابه حدث مع الاتحاد الكويتي لكرة القدم، الذي تعرض للإيقاف ثلاث مرات منذ 2007 بسبب التدخل الحكومي المباشر في شؤونه، وعدم توافق قوانين الرياضة المحلية مع لوائح الفيفا.
من هنا، يصبح واضحًا أن حل مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يمكن أن يتم بقرار حكومي أو وزاري، بل يتم فقط عبر الجمعية العمومية للاتحاد، وهي السلطة العليا فيه، حيث أن الجمعية العمومية تضم ممثلين عن أندية دوري المحترفين، إلى جانب ممثلين للدرجات الأخرى، بإجمالي 49 مقعدًا، ولا يمكن حل المجلس إلا من خلال اجتماع رسمي يُعقد لهذا الغرض، يتضمن تصويتًا من أعضاء الجمعية.
يبقى السؤال الأهم: هل الأمين العام إبراهيم القاسم هو المسؤول فعلاً عن أزمة كأس السوبر؟
الجواب القطعي على هذا السؤال ليس ممكنًا، لأن ما حدث كان الجميع مطلعًا عليه مسبقًا، بل إن نادي القادسية نفسه أصدر بيانًا قبل وقوع الأزمة حذر فيه من تفاصيلها، ما يعني أن المسؤولية كانت جماعية، وليست فردية يمكن تحميلها لشخص واحد فقط.
الخلاصة أن البيان لم يكن مجرد إعلان عن إقالة، بل كان صياغة دقيقة لحماية استقلالية الاتحاد السعودي أمام الفيفا، وتجنب أي شبهة تدخل حكومي قد تضع الكرة السعودية في مأزق كبير.