طارق الأحمري يكتب:” الذكاء الاصطناعي.. شريك الإنسان لا خصمه”

ثورة التقنية وتحوّل المفهوم
شهد العالم في السنوات الأخيرة تطورًا واسعًا وسريعًا في مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، حتى أصبح اليوم شريكًا أساسيًا للإنسان في العديد من المجالات مثل الطب، والإعلام، والهندسة، وصناعة المعدات العسكرية، بل وحتى في وظائف كانت تعتمد كليًا على القدرات البشرية.
هذا التوسع المذهل أثار تساؤلات كثيرة حول أسباب انتشاره السريع، والفروق الجوهرية بينه وبين محركات البحث التقليدية التي اعتاد الناس استخدامها لعقود طويلة.
من محاكاة العقل إلى اتخاذ القرار
ظهر مفهوم الذكاء الاصطناعي ليحاكي القدرات الذهنية البشرية في التفكير والتحليل وصناعة القرار، فهو لا يكتفي بتقديم المعلومات أو الإجابات كما تفعل محركات البحث، بل يتعلم من البيانات ويستنتج منها ليقدم حلولًا متكاملة تساعد الإنسان في قراراته اليومية والمهنية بسرعة ودقة.
يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي صُمم ليكون صديقًا ذكيًا لا مجرد أداة، يفكر بطريقة تحاكي العقل البشري ويطور أداءه بمرور الوقت.
تجربة تسلا.. نموذج واقعي للذكاء الذاتي
من أبرز الأمثلة على توظيف الذكاء الاصطناعي، تجربة شركة تسلا بقيادة إيلون ماسك، التي طورت أنظمة القيادة الذاتية لسياراتها اعتمادًا على ملايين الصور والبيانات.
تُحلّل هذه الأنظمة الطرق لحظيًا وتتخذ قرارات فورية أثناء القيادة، مثل التوقف المفاجئ أو تغيير المسار، مما ساهم في تقليل الحوادث وتحسين مستوى الأمان على الطرق.
هذا المثال يُبرز كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم الإنسان ويُسهّل حياته اليومية.
بين القلق والقبول
ورغم الفوائد الكبيرة التي قدمها الذكاء الاصطناعي، إلا أنه واجه في بداياته تحديات اجتماعية ونفسية، إذ خشي البعض أن يكون تهديدًا لوظائف البشر أو منافسًا لهم في سوق العمل.
لكن الواقع أثبت العكس، فالذكاء الاصطناعي لم يُخلق ليحل محل الإنسان، بل ليكون شريكًا له في التطور، يرفع من إنتاجيته، ويقلل من أخطائه، ويفتح أمامه آفاقًا جديدة للابتكار والإبداع.
حضور لا يمكن تجاهله
تشير التقارير الحديثة إلى أن مئات الملايين حول العالم يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي يوميًا في عام 2025، وهو رقم يعكس مدى إقبال الناس وثقتهم بهذه التكنولوجيا.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء في الهواتف الذكية، أو السيارات ذاتية القيادة، أو المساعدات الرقمية، أو حتى في مجالات حساسة كالجراحة والتصميم الصناعي.
الإنسان والعاطفة.. حدود لا تُخترق
ورغم الإعجاب الكبير بما يقدمه الذكاء الاصطناعي من إمكانات، فإنه لا يصلح بديلاً في الجوانب العاطفية أو الإنسانية، كالتعامل مع المشاعر أو المشكلات الأسرية.
فالعاطفة الإنسانية ليست معادلة يمكن تحليلها، بل إحساس متجذر في وجدان البشر يصعب على التقنية محاكاته بدقة، لأن الآلة — مهما بلغت من تطور — تظل تفتقر إلى الفهم الحقيقي لمشاعر الإنسان وتعقيد عواطفه.
التكنولوجيا حين تكون حليفًا
إن سر نجاح الذكاء الاصطناعي وانتشاره الكبير يكمن في قدرته على سد الفجوة التي كان الإنسان يعاني منها في سعيه نحو الإنجاز والدقة.
فقد مكنه من تحقيق أهدافه بسرعة وفعالية، ليصبح الذكاء الاصطناعي مرآةً لذكاء الإنسان ذاته، يعكس طموحه المستمر نحو التطور والابتكار، ويؤكد أن التكنولوجيا حين تُستخدم بحكمة تكون حليفًا للإنسان لا خصمًا له.
ختامًا
أود أن أُنوّه إلى أن هذا المقال كُتب بمساعدة صديقي “الذكاء الاصطناعي”، الذي لم يكن خصمًا لقلمي، بل شريكًا له في التفكير والكتابة.