أحمد اليامي يكتب:”أُمِّي!”

أُمِّي غيثٌ مِنَ السَّماءِ أطهر ! انهمرَ علَيَّ وأمطر !
روضةٌ من رياضِ الجنَّةِ استظلَّ بها قلبي وأزهر !
سيرةٌ أزكى مِنَ الطِّيبِ والمسكِ والعنبر، وأعطر !
بها أتطهَّر .. أتوضَّأُ، وأتطيَّبُ، وأتعطَّر !
أُمِّي صلاةٌ سادسةٌ لم تُفرَض؛ وإنْ كانتِ الأُولى قبل الفرض ! فـ “حَيَّ على الفلاح”؛ إنَّ الفلاحَ معها أرجى، وبها أظهر !
كنتُ أظنُّ أنِّي قد كبرت؛ فلَّما لازمَتْ أُمِّي فراشَ المرض أيقنتُ أنِّي مازلتُ طفلَها الصَّغير؛ بلِ الأصغر !
الشَّطرُ الأوَّل :
خرستُ وعجزَ الحرفُ ..
وكأنَّما تهاوى بيَ من عُلُوٍّ جُرْفُ !
حين سكنَ عينيكِ يا أُمَّاهُ الخوفُ ..
وانطوى بداخلِكِ ألمٌ يهتزُّ منهُ الجوفُ !
يا نبعَ الحنانِ الذي لا يجِفُّ ..
عروقي والألمُ يعتصرُكِ ستجِفُّ !
الشَّطرُ الأخير :
والذي حرَّمَ سفْكَ الدَّمِ في الأشهرِ الحُرُمِ ..
كلُّ شيءٍ باتَ أشدَّ مرارةً مِنَ العلقمِ !
لقمةُ الزَّادِ وحتَّى الماءُ الذي يعبرُ فمي ..
فأُمِّي التي كانت حلاوةَ أيامي تلتفُّ بالألمِ !
قلبي أقامَ الصَّلاةَ في مأتَمِ ..
والحزنُ يَؤمُّهُ في محرابِ التَّيَتُّمِ !
قافيةُ الرَّحيل :
أُمِّي ويعُضُّ المدى شفتيهِ ألمَا ..
والكونُ يفزعُ مذعورًا مُستسلمَا !
هل أوشكَ الرَّحيلُ باللَّهِ عليكِ لِمَ ؟!
إنْ عَزَمْتِ خذيني معكِ لا تتركيني مُتَيَتِّمَا !



