حسين البراهيم يكتب:”المعروف لا يُعرَّف”

من باب الثقافة العامة، من المفترض أن كل من يعمل في الأندية الرياضية — حتى لو لم يكن إداريًا أو فنيًا أو ذا علاقة مباشرة باللاعبين — أن يعرف على الأقل أساطير ناديه الذين أعطوا وبذلوا الغالي والنفيس، وضحّوا من أجل شعاره، وحفروا أسماءهم بمدادٍ من ذهب.
هناك لاعبون اعتزلوا الكرة منذ زمنٍ مبكر، ولم تُتح للأجيال الجديدة فرصة مشاهدتهم، ولكن من حُسن الاطلاع وإثراء الفضول الرياضي، عرفهم بعض الشباب رغم ذلك. فهل يُعقل أن يُنسى من بصم بصمته في الملاعب؟!
كثير من الناس لم يعيشوا عصر بيليه أو مارادونا، ولكنهم عندما دخلوا عالم التشجيع الرياضي، علموا عنهم الكثير، ووعوا أنهم من أصحاب الأولويات في تاريخ كرة القدم. بل إن بعضهم حفظ ملامح وجوههم من خلال ما يراه في الصحف أو عبر مقاطع الفيديو على منصات التواصل واليوتيوب.
وإذا كان الإعلام قد يقصّر — سهواً لا عمداً — في حق اللاعبين القدامى، فإن جماهير الأجيال الذهبية لا تقصّر في الحديث عنهم. فهم ينقلون سيرهم العطرة وأمجادهم إلى من حولهم عبر أحاديث عفوية، لكنها تحمل بين طيّاتها نقلًا تثقيفيًا للجيل الجديد، من حيث لا يشعر المستمع.
وأنا شخصيًا عرفت الأسطورة الاتفاقية الخالدة صالح خليفة لا من الصحافة ولا من الإعلام، بل من جماهيره التي عاصرته في وقته، وفي عزّ مجده وأيام عطائه.
ولعلّ ما تعرّض له هذا النجم الكبير والتاريخي من تجاهلٍ غير متعمّد من أحد رجال الأمن في نادي الاتفاق — الذي كان يؤدي عمله بكل أمانة — كان في الحقيقة خيرة لصالح خليفة؛ فقد أعادت تلك الحادثة اسمه إلى الواجهة، وجعلت كثيرين ممّن لم يعرفوه أو يشاهدوه من قبل يدركون قيمته الكبيرة، ويعلمون أنه كان صانع الألعاب المميز في جيله، الذي شهد له القاصي والداني بأنه أحد أبرز لاعبي الوسط في صناعة الكرات للمهاجمين وتسهيل مهمة تسجيل الأهداف.
ولعلّ أبرز من شهد له بذلك هو الأسطورة ماجد عبدالله، الذي وصفه بأنه واحد من أفضل صانعي اللعب في تاريخ الكرة السعودية.
ختامًا:
أعجبني اقتراح الأستاذ محمد البكر في أحد مقالاته الجميلة، حينما تناول هذه القضية التي شغلت الرأي العام الرياضي، وهو أن الأندية ينبغي أن تمنح البطاقة الذهبية للاعبين السابقين، حتى لا يتعرّضوا للتهميش أو قلة التقدير، ولو بطريقة غير مباشرة.



