مقالات رأي

حسن آل قريش يكتب:”النشامى… ما منهم سلامة!”

 

هناك منتخبات تفوز… وهناك منتخبات تُدخل المتعة في قلوب الناس قبل أن تدخل الكرة في الشباك. الأردن في كأس العرب 2025 ينتمي للفئة الثانية؛ منتخب يلعب بروح وطن كامل، ويقدّم كرة قدم تشبه شعبه: بسيطة، صادقة، وعنيفة في عشقها للقتال.

في ليلة المباراة أمام مصر، لم يكن أحد يتوقع أن يقدّم “الصف الثاني” ذلك العرض الكبير. لكن النشامى أثبتوا مجددًا أن القميص وحده يكفي ليحوّل اللاعب من اسمٍ عادي إلى مقاتل. فازوا بثلاثية نظيفة، لكن الحكاية لم تكن في النتيجة فقط… بل في الطريقة. في الركض بلا توقف، في الابتسامات بين اللاعبين، في العيون التي تقول: “نريد الإمتاع في كأس العالم… ولن نضيع تلك الفرصة.”

جمال السلامي، شاهدًا من الخط، لم يكن بحاجة لرفع صوته. الفريق يلعب وهو يعرف ماذا يريد. كل لاعب يدخل وكأنه يكتب رسالة شخصية للمدرب: “أنا هنا… وأنا جاهز.” وهذا الجانب الإنساني هو ما ينقص الكثير من المنتخبات: الشغف. الأردن امتلكه بكرم.

يزن النعيمات في تلك البطولة لم يكن مجرد مهاجم يبحث عن هدف. كان يلعب وهو يجرّ خلفه حلم طفل أردني صغير يريد أن يرى علم بلاده يرفرف في المونديال. علي علوان، بكل الهدوء الذي يشبه حكمة الكبار، قدّم مباريات من أجمل مبارياته… ليس بالأهدف فقط، بل بالحضور، بالثقة، بالقدرة على تحويل لحظة بين قدمَيه إلى فرصة تهدد مرمى الخصم.

ورغم أن الأردن ليس له التاريخ الكبير مقارنة بعمالقة الكرة، إلا أن المنتخب ظهر وكأنه يملك كل ما يحتاجه: قلب قوي، طموح، ولاعبون يعرفون قيمة الجمهور الذي يقف خلفهم. هنا تتجلى “القصة الإنسانية” التي يعيشها النشامى: منتخب محدود الإمكانيات، لكنه كبير في الإرادة، وهذه أحيانًا أهم من المال والنجومية.

ولعل أجمل ما في رحلة الأردن الحالية هو أن الجماهير لا ترى فريقًا يؤدي فقط… بل ترى فريقًا يكبر أمام أعينها. منتخب يتعلّم، يتطوّر، ويقاتل وكأنه يكتب فصلاً جديدًا في تاريخ الكرة الأردنية.

النشامى… ما منهم سلامة.
ثلاث مباريات، ثلاث انتصارات، وصفّ ثانٍ يلعب وكأنه الصف الأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com