مقالات رأي

صادق العبدالله يكتب:” الكويت من زعامة الخليج إلى دوامة التراجع”

 

لسنواتٍ طويلة كانت الرياضة الكويتية رمزًا للتفوّق في الخليج.
فمنتخب الكويت لكرة القدم كان الأجمل أداءً والأكثر هيبة. بطل الخليج وصاحب الحضور التاريخي الاول خليجيا في كأس العالم 1982.
وصاحب اولوية الفوز بكأس اسيا كمنتخب عربي وخليجي.
وفي كرة اليد سيطرت الكويت على البطولات الخليجية والآسيوية وقدّمت نجومًا تركوا بصمتهم على مستوى القارة.

لكن هذا المشهد المضيء بدأ يخبو تدريجيًا حتى وصلت الرياضة الكويتية اليوم إلى مرحلة أصبحت فيها المنتخبات لقمة سهلة للمنافسين في سابقة لا ترضي البعيد قبل القريب ولا تقبل بها جماهير اعتادت رؤية علم الكويت في منصات التتويج.

التراجع لم يكن وليد لحظة بل نتيجة تراكمات عديدة ضربت مختلف الألعاب حتى فقدت الكويت قدراتها التنافسية التي كانت تُحسب لها.

– الإيقافات الدولية وتأثيرها المدمر:
تعرّضت الكويت خلال العقد الماضي لعدة إيقافات من الاتحادات الدولية بسبب قضايا تدخلات إدارية وتشريعية.
هذه الإيقافات تسببت في:
• حرمان اللاعبين من الاحتكاك الخارجي.
• تجميد المشاركات الرسمية.
• تراجع التصنيف الدولي.
• توقف التطوير وفقدان مواهب شابة كانت تحتاج للاحتكاك والتجارب القارية.

– ضعف التخطيط وغياب الرؤية الطويلة:
جزء كبير من المشكلات يعود إلى عدم وجود استراتيجية وطنية للرياضة تشرف عليها جهة موحدة.
فالعمل يعتمد على الاجتهادات وتغيير الإدارات أدى إلى تغيّر السياسات وعدم استمرار البرامج الفنية.

– تراجع دوريي اليد والقدم:
الدوريات المحلية لم تعد بتنافسها وقوتها السابقة.
• غياب الاستثمار الحقيقي.
• ضعف إعداد المدربين.
• هجرة اللاعبين المميزين.
• تراجع القاعدة السنية.

– البنية التحتية… مجمدة منذ سنوات:
المنشآت الرياضية لم تواكب التطور الخليجي.
بينما تبني دول الجوار مدنًا رياضية عالمية بقيت معظم المنشآت الكويتية قديمة أو غير محدثة ما انعكس على جودة التدريب وإعداد اللاعبين.

– نقص المواهب وغياب التنمية العمرية:
تطوير الفئات السنية يشكل أساس نجاح أي دولة رياضية.
في الكويت:
• ضعف البرامج الخاصة بالناشئين.
• نقص مسابقات الفئات العمرية.
• قلة المواهب المستمرة في المنظومة.ما أدى إلى فجوة بين الأجيال.

– المشاكل الإدارية والصراعات:
الخلافات بين الاتحادات والأندية أثرت على الاستقرار.
الصراعات أدت إلى توقف مشاريع تطويرية كثيرة وأثّرت على معنويات اللاعبين والجماهير.

النتيجة… فقدان الهيبة
اليوم تواجه المنتخبات الكويتية صعوبات في جميع الألعاب تقريبًا.
تراجع المستوى الفني جعل المنافسين يرون في الكويت فوزًا مضمونًا وهو واقع صادم لجماهير اعتادت رؤية منتخباتها تصنع التاريخ.

هل يمكن للرياضة الكويتية العودة؟
العودة ممكنة بل وواقعية لكن بشرط الإصلاح الحقيقي.

وذلك يشمل:
• وضع استراتيجية وطنية شاملة للرياضة.
• تحديث القوانين الرياضية بما يتوافق مع المعايير الدولية.
• الاستثمار في الفئات السنية والمواهب.
• تطوير المنشآت والمدن الرياضية.
• تعزيز الاحتراف الحقيقي في كرة القدم وكرة اليد.
• استقطاب مدربين عالميين، وبرامج تطوير مستمرة.
• إنهاء الصراعات الإدارية وتوحيد الجهود.

الكويت تمتلك تاريخًا رياضيًا عريقًا وجماهير عاشقة وشبابًا قادرًا على إعادة المجد.
لكن العودة تحتاج قرارًا شجاعًا وإرادة صادقة وعملًا مؤسسيًا بعيدًا عن الضجيج.

اخيرا

الرياضة الكويتية كانت يومًا زعيمة الخليج…
ولا تزال قادرة على استعادة عظمتها إذا ما تمت مواجهة الأسباب بصراحة وبدأ مشروع الإصلاح من جذوره.
فالتاريخ لا يُكتب بالأمنيات بل بالعمل والكويت بما تمتلكه من طاقات وقدرات قادرة على العودة إلى منصات التتويج متى ما توفرت الإدارة الحكيمة والرؤية الصحيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com