فواز الرويلي يكتب:” أخضر معاك الله”

تجاوز منتخب فلسطين عقبة الدور السابق في كأس العرب بصعوبة بالغة، في مباراة كشفت أكثر مما أخفت، وأكدت أن الطريق إلى الأدوار المتقدمة لا يأتي بالحظ أو الاجتهاد الفردي فقط، بل بالقراءة الصحيحة للمباريات وحسن إدارة التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق في البطولات القصيرة.
منتخبنا السعودي، رغم الوصول إلى دور الأربعة، لم يكن مطمئنًا فنيًا. غابت الفاعلية الهجومية لفترات طويلة، وظهر الفريق متأخرًا في ردة الفعل، مع اعتماد واضح على الحلول الفردية أكثر من العمل الجماعي المنظم. هذا الأسلوب قد يمر في مباراة، لكنه لا يمكن أن يصمد أمام خصم منظم يعرف كيف يستثمر الأخطاء.
المواجهة المقبلة أمام منتخب الأردن تمثل اختبارًا حقيقيًا، لا يقبل المجاملة ولا يرحم التردد. الأردن فريق يعرف كيف يغلق المساحات، ويلعب بواقعية عالية، ويجيد التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم. أي سوء تمركز، أو بطء في اتخاذ القرار، سيكون ثمنه غاليًا.
هنا يأتي دور المدرب هيرفي رينارد، الذي يقع على عاتقه عبء قراءة الخصم قبل صافرة البداية، لا بعدها. المطلوب ليس فقط تحفيز اللاعبين، بل إدارة المباراة بعقل بارد، واختيار العناصر القادرة على تنفيذ الخطة، لا الأسماء التي تعيش على رصيد سابق. فالمباريات الإقصائية لا تعترف بالتاريخ، بل بالأداء داخل المستطيل الأخضر.
لا مجال للأخطاء في هذه المرحلة. التفاصيل الصغيرة، من التبديلات إلى طريقة بناء الهجمة، قد تكون الفارق بين الوصول إلى النهائي أو الخروج بندم كبير. التأهل تحقق، نعم، لكن المرحلة القادمة تحتاج شجاعة في القرار قبل شجاعة في الملعب.
خاتمة:
وسط زحام الأسماء والضجيج الإعلامي، يبرز بوشل كجندي مجهول في صفوف المنتخب، لاعب قدّم ما عليه بهدوء، وكان الرقم الصعب داخل الملعب، رغم أن الأضواء اختارت الاتجاه نحو تمجيد أسماء بعينها، وترك من يعمل بصمت خارج دائرة الاهتمام.
بوشل لم يكن مجرد لاعب يؤدي واجبه، بل عنصر توازن، وحلقة وصل بين الخطوط، وصمام أمان في لحظات الارتباك. تأثيره ظهر في التفاصيل التي لا تلتقطها الكاميرات سريعًا، لكنه ظل حاضرًا في كل منعطف صعب. ومع ذلك، لم ينل حقه إعلاميًا، في مشهد يتكرر حين يُكافأ الضجيج ويُهمل العمل الحقيقي.
في المباريات الكبرى، لا يصنع الفارق من يتصدر العناوين فقط، بل من يحافظ على تماسك الفريق حين تشتد الضغوط. وبوشل كان وما زال أحد هؤلاء الاعتراف بدوره ليس مجاملة، بل قراءة عادلة لما يحدث داخل الملعب، بعيدًا عن الانتقائية التي اعتاد عليها المشهد الإعلامي.



