حسن السلطان يكتب ” فينسيوس و العنصرية “

لا حديث هذه الأيام يعلو فوق حادثة فينسيوس العنصرية مع جماهير فالنسيا وهي ليست بجديدة على الملاعب الأوروبية و بالذات أسبانيا ، ولن تكون الأخيرة بكل تأكيد و قد تسبب هذا الأمر في طرد اللاعب الذي أصبح منفعلًا بشكل جنوني بعد ضرب لاعب فالنسيا ، بل هو الآن مهدد بالإيقاف لمدة قد تصل الى ١٢ مباراة إذا ثبت تعمده الضرب.
ربما من الصعب القضاء على العنصرية في الملاعب العالمية و خاصة في الدول الأوروبية حيث لاتزال المعالجات ضعيفة جدا مع وجود قوانين صارمة من الفيفا تصل على إيقاف المباراة وجعل الفريق الضيف فائز بعد ذلك في حال استمرار الهتافات العنصرية، و لكن هذا ردع مؤقت و ليس علاج دائم للمشكلة.
البعض ذهب إلى أن السبب هو اللاعب الذي استفز جمهور فالنسيا حين أشار لهم بصبعين و يعني بذلك سقوطهم إلى الدرجة الثانية حيث كانت النتيجة متعادلة وقتها ، و كان بين فالنسيا صاحب المستوى السيء هذا العام نقطتين على مراكز الهبوط، و معروف أن اللاعب المهاري بالعادة مثل فيني يجعل الجماهير تغضب منه و يجعله مكروهًا قبل بداية المباراة و هو بطبعه يحاول استفزاز الجماهير و اللاعبين و الدخول معهم في صراع، و قد حصل هذا عشرات المرات في هذا الموسم في المباريات خارج ملعب ريال مدريد ، و تسبب في هدر العديد من النقاط، بل أسوأ مستويات فيني كانت خارج ملعب الريال و لكن هذا بالتأكيد ليس مبررًا للعنصرية التي تمارس، و كما قال المحلل الرياضي أحمد عفيفي أن المرأة التي لا ترتدي لباس محتشم و يتم التحرش بها لا يعطي مبررًا أبدًا بأن نترك الفعل المشين من التحرش الذي يتعارض مع كل القيم و الأخلاقيات و يصبح الحديث عن لباسها العاري الذي تسبب في ردة الفعل ، لأن فعل التحرش قبيح بحد ذاته و لا يمكن تبريره مثل العنصرية و الشتم من قبل الجماهير في الملاعب ، و من يعتبر ردة الفعل طبيعية فهو مشارك فيها حتى لو برر ذلك.
في دول الخليج بالذات و الدول العربية و دول أمريكا الجنوبية للأسف أصبح هناك شبه تطبيع مع الألفاظ العنصرية و التعامل معها بشكل طبيعي ، و هذا الأمر أوقع بعض اللاعبين من أمريكا الجنوبية مثل كافاني في حرج عندما لعب لمانشستر يونايتد و تم إيقافه عدة مباريات بسبب لفظ عنصري في منشور بالانستغرام يعتبر طبيعي لديهم ، و نحن في الخليج حاليا يتسخدم لفظ ( خال) أو ( عبد ) لأصحاب البشرة السمراء و كأنه أمر طبيعي للأسف ، و من أجل أن يصبح شيئًا عاديًا صار أصحاب البشرة السمراء يستخدموه أيضًا ، و أصبح كثيرًا ما يذكر في المسرحيات الكويتية و كأنه أمر طبيعي جداً ، مع أنه لفظ عنصري خطير و سوف يبقى كذلك مهما حصل لأنه يدل على التمييز فقط و لا يوجد له معنى مختلف مطلقا.
إن واحد من أجمل المواقف التي حاربت العنصرية بشراسة و بأسلوب فكاهي لطيف ، هو ما تعرض له داني ألفيس ظهير برشلونة سابقاً حين رمى عليه أحدهم موز خلال تنفيذه لضربة ركنية و يعني بذلك أن داني قرد و هو أسلوب عنصري رخيص للأسف ، و ما كان من اللاعب إلا أن أخذ الموز و أكله بطريقة طريفة كان أبلغ رد على العنصرية و حصل الموقف على تفاعل عالمي غير مسبوق و إشادة على السلوك المهذب .
العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء لن تنتهي و من عاش في أوروبا و أمريكا سوف يدرك ذلك مهما حاولت الاتحادات الرياضية القضاء عليها ، لأن التمييز لا يزال موجودًا في كل مكان للأسف ، و لكن من المهم بالنسبة لنا في الوطن العربي أن نحذر و نعالج الأمر و لا نطبع معه و نقبله ، و حاليًا أصبح لدى الأطفال معرفة أكبر بالتنمر ، و الطفل الصغير لا يفهم أن هذا عبارة عن مزاح بل قد يدمر اللفظ حياته ، و إذا كان لفظ (خال ) يؤخذ بسخرية عند الكبار فهو ليس كذلك عند الأطفال ، و خاصة عند البنات بالذات ، و بما أننا نستخدم لفظ (روح رياضية ) للتعبير عن السلوك المرن و تقبل الآخرين فعلينا أن ننطلق منها بالفعل لتحسين الألفاظ العنصرية الدارجة في مجتمعنا .
هل انتهت حقبة ريال مدريد؟
خروج ريال مدريد هذا العام من المنافسة على الدوري مبكرًا حيث حسم برشلونة اللقب قبل أربع جولات من النهاية ، ثم بعد ذلك خروجه المذل من بطولته المفضلة وهي الأبطال الأوروبية بنتجة 4-0 مع الرحمة أمام أقوى فريق أوروبي حاليًا وهو مانشستر سيتي ، جعل الكثير يقولون أن الحقبة الذهبية لريال مدريد انتهت و حان وقت التجديد ،
الأمر الذي لم يركز عليه الكثير من المحللين بل لم يذكر في الإعلام مطلقًا ، و ربما هو أهم الأسباب في فشل الحقبة الأولى لبيريز عندما كان رئيس ريال مدريد و انهيار فريق النجوم الذي صنعه هو التخلي عن واحد من أفضل المحاور الدفاعية في العالم حينها وهو مكاليلي الفرنسي الذي ارتكز عليه مشروع تشلسي في بدايته لتحقيق البطولات ، و كان بالفعل واحدًا من أفضل اللاعبين في تكسير هجمات الخصوم ثم بناء اللاعب من الخلف ، و للأسف بيريز لا يتعلم من الماضي حين فضل بيع كاسيميرو على مانشستر يونايتد بسعر يسيل له اللعاب لتعويض جزء من مبلغ شراء الشاب تشواميني الذي أصبح بعد عودته من الإصابة احتياط و لم يعد يشارك بشكل أساسي مثل بداية الموسم و صار كروس يلعب دور الارتكاز الدفاعي و هو مركز لا يقدم فيه مستويات جيدة لأن دوره الأساسي في صناعة اللعب و الأهداف.
كاسيميرو يعتبر إضافة كبيرة لمشروع مانشستر يونايتد مع عمره المتقدم و انتقاد الكثير لهذه الصفقة و لكن الواقع يقول أنه أبرز صفقة للمان يونايتد هذا الموسم ، و أصبح معه خط الوسط أكثر صلابة و شراسة مع أن الفريق ليس مستقرًا حتى الآن ويعيش مشروعًا جديدًا مع المدرب تين هاج ، ولكن اللاعب أثبت قيمته الفنية و يكفي أنه حسم آخر مباراة والتي هي مهر المشاركة في الأبطال الأوروبية العام المقبل بعد منافسة شرسة من ليفربول الذي يحتاج للتأهل معجزة حقيقة تتمثل في فوزه و انتظار خسارة المان لمباراتين ، ثم النظر إلى فارق الأهداف الذي يصبح في مصلحة الليفر.
ربما يكون سبب آخر هو أن عناصر الخبرة لم تعد تستطيع العطاء كما في السابق مثل كروس و مودريتش و بنزيما الذي تغير تماماً بعد كأس العالم ، والإحباط الذي أصابه بسبب جائزة الأفضل التي ذهبت إلى ميسي الفائز بكأس العالم و يعتقد أنها سرقت منه بعد أفضل موسم قدمه على الإطلاق في حياته ، و تتويجه بأهم الألقاب و الجوائز العام الماضي و بنزيما الذي عانى من الإصابة في بداية الموسم وهي سبب في عدم مشاركته في كأس العالم لم يعد له ذلك التأثير القيادي الحقيقي ، و ربما يكون واحدًا من الأسباب عدم الإعلان عن تجديد عقده ، مع أنه اللاعب الوحيد الذي كسر قواعد بيريز في تجديد عقود من أعمارهم فوق 30 سنة و أطلق عليه لقب ( الحكومة) بسبب قوة تأثيره على أصلب شخصية رياضية في العالم وهناك الكثير من الشكوك باستمراره و البعض يقول ربما يكون هذا الموسم هو الأخير له مع ريال مدريد و سوف يذهب إلى الدوري السعودي حيث قدم له عقد كبير لا يحلم فيه كما حصل مع كريستيانو.
أما السبب الواضح في ضعف الريال هذا الموسم هو خط الدفاع و خاصة الأظهرة و إن حاول أنشيلوتي معالجة هذه المشكلة ، و ربما أكبر حماقة قام بها بيريز حين فرط في اثنين من أفضل الأظهرة في العالم حالياً وهما حكيمي الذي يلعب في باريس سان جرمان و ثيو هيرنانديز الذي يلعب ظهير يسار في الميلان ، وهو أمر عجيب جدًا في ظل حاجة الريال منذ سنوات لتعزيز هذه الخانة و لكن المبالغة في الاحتفاظ بمارسيلو و كارفخال على حساب التجديد خلق أزمة حقيقة في هذه المراكز .
من الواضح أن بيريز عكس ما كان يشاع في الإعلام يريد الاحتفاظ بالمدرب أنشيلوتي لموسم جديد و هو المدرب الذي عرف عنه بالقناعة التامة و يعمل بما تحت يده دون تذمر أو إثارة مشاكل مع الإدارة ، و هذا يعطي دلالة أنه لا يوجد تجديد متوقع في العام القادم ، و بيريز ينتظر صناعة طفرة في عام 24 حين ينتهي عقد مبابي مع باريس ويكون متاح له من جديد ، و أيضًا هناك حديث عن شرط في عقد هالاند بتسهيل رحيله إلى ريال مدريد من السيتي الذي من الصعب أن يتخلى عن نجومه لأي فريق مهما كان ، ويملك قوة مادية و استقرار بقيادة بيب الذي إذا كان يريد لاعبًا فلا مجال لرحيله.
إذا استمر أنشيلوتي لن يتغير الريال كثيراً العام المقبل ، و الحديث عن نهاية حقبة حصل قبل ذلك حين رحل كريستيانو و زيدان و دخل ريال مدريد في مرحلة شك حين خسر جميع البطولات في شهر مارس ثم عاد زيدان من جديد و صحح المسار ، و حصل مع نفس الفريق المتهالك على بطولة الدوري و بنفس الأسماء تقريباً حصل انشيلوتي على الأبطال و الدوري العام الماضي لذلك من الصعب التكهن بذلك ، و لكن ربما الريال يحتاج إلى تدعيم الدفاع و الاعتماد أكثر على خط وسط شاب مثل تشواميني و كامافينجا و شراء مهاجم صندوق بديل لبنزيما الذي كثر غيابه.