السينما السعودية من “الأحواش” إلى العالمية و أرامكو أشعلت البداية وشاشة العرض تجاوزت الـ 700
قراءة في تصريح وزير الثقافة في منتدى الأفلام
الكأس – عبد الله الراشد
أطلق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة الأفلام، خلال تدشين النسخة الثانية من منتدى الأفلام السعودي في مدينة الرياض الذي أقيم مؤخرًا وبحضور نخبة من المنتجين والفنانين والمتخصصين والمهتمين وصانعي الأفلام من داخل المملكة وخارجها، بشرى سارة للسينمائيين السعوديين. حيث جاء في كلمته في حفل الافتتاح قوله: “نسعى لأن تكون المملكة محورًا إقليميًا ودوليًا للإنتاج السينمائي، تُمكن المواهب وتفتح الآفاق أمام شراكات استراتيجية تسهم في تطوير البنية التحتية وتعزيز قطاع العرض والتوزيع.” ويعد هذا التصريح بمثابة البشرى السارة للسينمائيين السعوديين، حيث يشكل التصريح دلالة على عزم وزارة الثقافة وهيئة الأفلام تحديدًا على جعل السينما صناعة ذات مردود ثقافي واقتصادي، ومجالًا خصبًا يستقطب العديد من الكفاءات المحلية والعالمية، ويسهم في عجلة التنمية ودعم سوق العمل المحلي.
وتشير توقعات المحللين والمهتمين بالسينما العالمية إلى أن سعي المملكة لتعزيز وإبراز دور السينما المحلية كنموذج مصغر للتحديات والفرص التي تنتظرها صناعة الأفلام العالمية على أرضها الخصبة بالمواقع الأثرية والحضارية، يساعد صناع السينما في العالم على إثراء محتواهم واكتساب مساحة جغرافية غير ملموسة سينمائيًا. مما يعني أن المملكة العربية السعودية ستكون لاعبًا أساسيًا ورئيسيًا في هذه الصناعة، وذلك في سياق حقبة جديدة تتزامن مع التطور التحويلي المتزامن مع رؤية السعودية 2030.
توجهات الثقافة وهيئة الأفلام تواكبها صناعة السينما المحلية، وهو ما أشار إليه الرئيس التنفيذي لشركة فوكس سينما (VOX Cinemas) كاميرون ميتشل. حيث أشار إلى أن المملكة هي سوق السينما الوحيد على مستوى العالم الذي توسع في عام 2020، وأن السوق السعودي قد ارتفعت أرباحه بما يُقدّر بـ 4% منذ بداية 2019، رغم إغلاق دور السينما من مارس إلى منتصف يونيو 2020. في إشارة صريحة إلى نمو السوق السينمائي السعودي وصلاحيته لاكتساب دور ريادي على مستوى العالم.
وأشار إلى أن الحصة السعودية من سوق السينما في الشرق الأوسط بلغت 110 ملايين دولار من إجمالي 600 مليون دولار في الأعوام الأربعة الماضية، باستثناء إصدارات الأفلام الهندية والعربية وبعض المحتوى المستقل. وتوقع كذلك أن يكون هناك 340 شاشة قيد التشغيل خلال المرحلة المقبلة، والرقم مؤهل للصعود إلى أكثر من ذلك، فيما بلغ عدد الشاشات ما يقرب من 700 شاشة.
مرحلة البدايات
بدأت السينما في المملكة العربية السعودية في مرحلة تاريخية مبكرة تعود إلى الثلاثينيات من القرن العشرين، قبل الإعلان عن دعم صناعة السينما رسميًا بالموافقة في ديسمبر عام 2017 على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في السعودية. حيث اهتمت رؤية المملكة 2030 بصناعة السينما أكاديميًا من خلال فتح المعاهد المتخصصة، وثقافيًا باستضافة المهرجانات والفعاليات العالمية، ومحليًا بإقامة مهرجانات نوعية مثل مهرجان البحر الأحمر السينمائي.
أول من أدخل دور العرض السينمائية إلى المملكة العربية السعودية هم الموظفون في شركة (العربية الأمريكية للزيت آنذاك) في مدينة الظهران، التي تحوّل اسمها إلى شركة أرامكو، وذلك في مجمعاتهم السكنية الخاصة بهم خلال فترة الثلاثينيات الميلادية. ومع بداية فترة الخمسينيات الميلادية، وُجد ما عُرف لاحقًا بـ “سينما الأحواش”، وقد اشتهرت الأحواش بأسماء ملاكها. وخلال فترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات الميلادية، بدأت تنتشر دور العرض بين السكان المحليين، وكانت صالات العرض المتاحة للمواطنين السعوديين موجودة في الأندية الرياضية المحلية على وجه التحديد، وفي بعض الأحواش والبيوت الشهيرة، خاصة في الرياض وجدة والطائف وأبها والدمام، وأحيانًا في بعض السفارات الأجنبية. إلا أن الحضور كان مقتصرًا على الرجال فقط، وكانت طرق العرض عشوائية وتفتقر إلى التنظيم والتهيئة اللازمة للمشاهدة والتسويق المناسب والاختيار الجاد.
أولويات سعودية
ومن المعروف أن أول فيلم سعودي أُنتج عام 1950 وكان بعنوان “الذباب”، وهو من بطولة حسن الغانم الذي يعتبر أول ممثل سينمائي سعودي، بالتعاون مع فريق إنتاج من هوليوود، بالإضافة إلى تصويره في مدينة القطيف. وفي منتصف الستينيات الميلادية، قام التلفزيون السعودي بإنتاج أفلام تلفزيونية، لكن البداية الحقيقية للإنتاج السينمائي السعودي كانت عام 1966 حيث أُنتج فيلم “تأنيب الضمير”، وهو من إخراج سعد الفريح وبطولة حسن دردير.
في عام 1975، قام المخرج السعودي عبد الله المحيسن بإخراج فيلم عن “تطوير مدينة الرياض” وشارك به في مهرجان الأفلام التسجيلية في القاهرة عام 1976، قبل أن يقدم من جديد في عام 1977 فيلمًا سينمائيًا أكثر أهمية وحضورًا وحسًا فنيًا، وهو الفيلم الوثائقي “اغتيال مدينة”، في عرض درامي حول الحرب الأهلية اللبنانية ومدى الضرر الذي ألحقته هذه الحرب بمدينة بيروت الجميلة. وحاز حينها على جائزة “نفرتيتي” لأفضل فيلم قصير، كما عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977.
يبلغ عدد الأفلام السعودية التي أُنتجت منذ عام 1975 وحتى الآن أكثر من 350 فيلمًا سعوديًا، معظمها أفلام تسجيلية أو قصيرة وذات ميزانية محدودة ومنخفضة التكاليف، ولم تُعرض إلا في المسابقات والمهرجانات سواء المحلية أو العربية أو الدولية للمنافسة على الجوائز المختلفة. والقليل منها كان تجاريًا وذو ميزانية ضخمة وعُرض في صالات السينما، وتنوعت ما بين أفلام وثائقية وأفلام قصيرة وأفلام روائية. ومن ناحية نوع المحتوى، كانت هناك أفلام رعب، وأفلام أكشن، وأفلام كوميدية، وأفلام صامتة، وأفلام خيال علمي، وأفلام تلفزيونية، وأفلام رسوم متحركة، وأفلام يوتيوبية.