مقالات رأي

مايكل فوزي يكتب “التكتيكات الحديثة وقلة المواهب”

 

 

إذا نظرت إلى الأندية والمنتخبات حتى فترة 2015، ستجد زخمًا وكثرة في المواهب في كافة الدوريات أو حتى المنتخبات.

في برشلونة، كنت ستجد إنييستا، تشافي، وبوسكيتس.

في ريال مدريد، كان هناك ألونسو، دي ماريا، خضيرة، وأوزيل.

أما مانشستر يونايتد، فكانت الأسماء الكبيرة مثل جيجز، كاريك، وسكولز.

وفي تشيلسي، كان هناك دروجبا، لامبارد، وإسيان.

 

حتى على مستوى المنتخبات:

 

إيطاليا كانت تضم توتي، مالديني، بيرلو، وديل بييرو.

 

فرنسا كانت تفتخر بزيدان، هنري، تورام، تريزيجيه، وماكيليلي.

 

أما في أمريكا الجنوبية، خاصةً الأرجنتين والبرازيل، فحدث ولا حرج عن المواهب المتدفقة.

 

 

لكن، عندما تنظر إلى الوضع الحالي، تجد ندرةً وقلة في المواهب لدرجة أن البعض بدأ يصنّف لاعبين لم ينهوا مسيرتهم بعد، وأداؤهم جيد، ولكن لم يصلوا لمرتبة “الأساطير”. على سبيل المثال، هالاند، مبابي، أو ساكا أصبحوا يصنفون ضمن خانة الأساطير.

 

أصبحنا ننبهر بأي لاعب يمتلك بعض المهارات مثل فينيسيوس (بغض النظر عن شخصيته)، أو إبداع يامال مع برشلونة، أو أناقة بيدري.

 

الحقيقة المؤلمة

مع ارتفاع مستوى التكتيكات في كرة القدم وقربها من الرسم الهندسي، وتمسك أغلب المدربين بسرعة نقل الكرة والبحث عن النتيجة دون الأداء، أو حتى فكرة الاستحواذ دون فاعلية، تقلصت مساحة الإبداع لدى اللاعبين وقتل داخلهم الإبداع.

 

عندما تُكبّل المهاجم بأدوار دفاعية وتجعله مجرد أداة لسحب دفاع الخصم، ليفرغ مساحة لصالح مدافع متقدم ليحرز هدفًا، قد تكون فكرة فنية رائعة، لكنها في المقابل قتلت إبداع المهاجم. لم تعد ترى مالديني آخر في الدفاع، ولم يعد بالإمكان خلق رونالدو نازاريو جديد في الهجوم.

 

تخيل لو أن المدربين في الفئات السنية منعوا ميسي من المراوغة وطلبوا منه فقط التمرير. كيف كنا سنشاهد كل ذلك السحر؟

أو لو طلبوا من رونالدينيو أو نيمار أن يتوقفا عن الاستعراض والاكتفاء بالتمرير والدفاع؟ هل كنا سنقع في حب هذه اللعبة؟

 

كرة القدم بين النظام والعشوائية

كرة القدم متعتها وجمالها أنها مزيج بين النظام والعشوائية:

 

النظام: يضعه المدير الفني بتكتيكاته ورسوماته الفنية.

 

العشوائية: يقوم بها اللاعبون الموهوبون، ينثرون بها سحرهم، ويضربون بها كل التكتيكات كما فعل الأساطير.

 

 

أمثلة على لحظات العشوائية السحرية:

 

تمريرة ميسي لمولينا في مباراة هولندا.

 

مراوغة مارادونا أمام إنجلترا في كأس العالم 1986.

 

قذيفة روبيرتو كارلوس في مرمى فرنسا.

 

 

هذه “الفوضى الخلاقة” هي التي تجعلنا نزداد عشقًا لهذه اللعبة.

 

نداء للمدربين

أكاد أجزم أن هناك مدارس قليلة تترك مساحة للإبداع، مثل أكاديمية لاماسيا في برشلونة، التي لا تزال تنتج الموهوبين والمبدعين.

 

رجاءً لكل مدربي القطاعات والفرق: اتركوا مساحة للاعبين ليظهروا موهبتهم ويبدعوا بشرط ألا يضروا بالمنظومة. بهذا فقط سنعود لرؤية لاعبين ساحرين في كل الفرق، ولن نقضي على متعة كرة القدم.

 

رسالة أخيرة

كرة القدم أصبحت أرقامًا فقط، لكن الموهبة لا تقيم برقم.

 

إذا كان ليفاندوفسكي أحرز أهدافًا أكثر من رونالدو الظاهرة، فهذا لا يعني أنه أفضل منه.

 

وإذا صنع مولر أهدافًا أكثر من مارادونا، فهذا لا يجعله أعظم منه.

 

 

لذلك، على كل من يعمل في قطاع التدريب أن يوازن بين تعليم التكتيك والحفاظ على الموهبة. فالموهبة هي جوهر اللعبة، ومن دونها سنفقد المتعة التي جعلت العالم يعشق كرة القدم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com