إبراهيم البارقي يكتب:”اتحاد القدم.. الواقع أولى من التبرير”

ليس من الواقعية أن نُحمِّل الضغوطات مسؤولية الإخفاق، وكأنها العدو الأول لكل من يتولى مسؤولية عامة، بل الأصل أن يكون تحمّل الضغوط جزءًا من صميم العمل، لا مبررًا لنتائجه المتواضعة.
كتابة التاريخ وصعود قمم الأمجاد طموح مليء بالتحديات، ولا يُلام المرء بعد اجتهاده.
بين الحاضر والماضي، تجسد المملكة رغبتها بقيادتها الرشيدة في عدم الاكتفاء بالنمو والتطور، بل السعي لتحقيق الريادة في كل شيء، وهو ما نلمسه واقعًا متجددًا كل يوم. وفي هذا السياق، يأتي الحديث عن كرة القدم السعودية التي تمرّ بمرحلة غير مسبوقة من الدعم والتحوّل، ضمن مشروع وطني طموح يسعى لصناعة رياضة تواكب كبرى الدول المتقدمة كرويًا، عبر استقطاب النجوم، وتطوير البنية التحتية، وبناء بيئة احترافية شاملة.
صحيح أن أي عمل لا يمكن أن ينأى عن الأخطاء، وهذا أمر صحي، أما العيب فهو في عدم التصحيح. والنتائج هي الفيصل لأي عمل. فعندما نتحدث عن المشروع الرياضي الضخم، فنحن نتحدث عن أمور مختلفة، ويجب أن تكون في أعلى معايير التقييم. ومع هذا، علينا الاعتراف بأن عمل الاتحاد السعودي المُعيَّن والممدد له لفترة أخرى مماثلة حتى الآن لا يعكس تطلعات هذا المشروع بالشكل المأمول. والسبب أن العمل الفني والإداري لا يوازي الطموح ولا الدعم، من وجهة نظر نقدية ليس إلا، فالمصلحة مقدّمة على المجاملة مهما كانت الأسماء، مع كامل الاحترام للأشخاص وذواتهم، ولكن نحن نحتكم للعمل ومخرجاته.
نعم، بعض المنتسبين للإعلام لديهم أحيانًا نبرة المتعصّب الذي يقدم مصالحه الشخصية أو مصلحة ناديه، لكن ذلك ليس مبررًا لتأخر النتائج، ولا عذرًا لتراجع مستوى المنتخب الأول، أو غيابنا عن المنافسات القارية والأدوار المتقدمة.
الجماهير اليوم أكثر وعيًا، وتقرأ الأرقام، وتنتظر الأداء لا التصريحات.
جيل اللاعبين الحالي بلغ مرحلة التشبّع، ولم يتم صناعة بدائل حقيقية بالشكل الذي يُطمئن على المستقبل. لا يمكن أن نُعلّق كل الآمال على منتخبات الناشئين والشباب دون توفير البيئة الكاملة لتصعيدهم ودمجهم بسلاسة؛ فهنا يكمن التحدي الحقيقي.
أما عن اتحاد القدم، فبين فترات من العمل والاجتهاد، تبقى الحاجة إلى المحاسبة والمراجعة قائمة، ولا يمكن إغفال الإخفاقات، أو تجاوز التخبط في بعض القرارات الفنية، أو غياب التخطيط طويل المدى، وآخر الإخفاقات خسارة منتخب الناشئين لبطولة آسيا تحت سن 17 عامًا من أمام منتخب أوزبكستان رغم النقص العددي في صفوفه.
الاحتفاء بصعود منتخبي الشباب والناشئين إلى كأس العالم أمر إيجابي ويُحسب للمنظومة، لكنه لا يجب أن يكون غطاءً لإخفاء الثغرات في المنتخبات الأولى. الطموح مشروع، لكن تحقيقه لا يتم بالشعارات، بل بالعمل الدؤوب، والوضوح، والمساءلة.
لدينا مشروع وطني ضخم يستحق أن يُدار بكفاءة توازي حجمه، وأن تُبذل فيه جهود لا تبريرية، بل تصحيحية. فالمستقبل لا يُمنح، بل يُبنى بخطوات ثابتة، تبدأ من الاعتراف بالتقصير قبل توزيع المديح.