الشرقية ENTV تواصل تألقها عبر بودكاست “الظهران”.. الشيخ عبدالعزيز التركي يكشف كواليس العلاقة مع ولاة الأمر ويؤرّخ لميلاد أول مستشفى للسرطان بالشرقية

الكأس – حسن آل قريش
تستمر قناة الشرقية ENTV في تقديم حلقات نوعية ضمن سلسلة بودكاست “الظهران”، الذي أعاد صياغة المشهد الإعلامي المحلي، من خلال جلسات صادقة، وعميقة، مع شخصيات أسهمت في بناء المشهد التنموي والمجتمعي في المنطقة الشرقية.
وفي الجزء الثاني من اللقاء المطوّل مع الشيخ عبدالعزيز التركي، رائد العمل الإنساني ورمز من رموز المنطقة، فتح الحوار أبوابًا جديدة، وقدم شهادات حيّة عن علاقاته الرفيعة، وعن تفاصيل محطات مفصلية مثل تأسيس مستشفى متخصص لعلاج السرطان، ودور الأمراء في دعم تلك المشاريع.
*علاقة الشيخ عبدالعزيز بسمو الأمير محمد بن فهد رحمه الله*
استهل التركي حديثه عن علاقته بالأمير محمد بن فهد، أمير المنطقة الشرقية السابق، واصفًا إياه بالرجل الفاضل الخلوق، وقال: “الأمير محمد، رحمه الله، كان نعم الرجل، وكان بيني وبينه تواصل دائم، لكنني حرصت طوال عمري أن تكون العلاقة في إطار العمل فقط، لا لي ولا لأحد من أفراد أسرتي طلب شخصي أو مصلحة خاصة”.
وأشار إلى أنه كان يتردد على الأمير من خلال المجلس العام، ويطرح عليه ملفات لها علاقة بالمصلحة العامة. من أبرز تلك الملفات كانت دراسة اجتماعية تتناول أوضاع بعض الأحياء القديمة في الدمام، تحديدًا “السابونة، الباطنية، النخيل، وجبلة” – حيث لاحظ فريق العمل وجود نسبة مرتفعة من الأحداث في دار الملاحظة من هذه الأحياء.
يقول التركي: “كنا نبحث الأسباب من الجذور، واقترحنا مع الأستاذ عبدالرحمن المقبل – مدير دار الملاحظة وقتها – تأسيس جمعية تهتم بتلك المناطق، وفعلاً عرضنا الدراسة على الأمير، ووافق فورًا، وتم تشكيل الجمعية بسرعة”.
*ميلاد مستشفى لعلاج السرطان في الشرقية… من الفكرة إلى الإنجاز*
انتقل الحديث إلى مرحلة مؤثرة في مسيرة الشيخ عبدالعزيز التركي، حين بادر مع مجموعة من الداعمين لإنشاء مركز متخصص لعلاج السرطان في المنطقة الشرقية، والتي لم تكن وقتها تملك أي مركز أو مستشفى يستقبل حالات الأورام، مما اضطر المرضى إلى السفر إلى الرياض، وتحمل الانتظار الطويل الذي لم يكن يتناسب مع طبيعة المرض.
يقول التركي بأسى: “سرطان؟ ما تقدر تنتظر ٦ شهور!، كنا نشوف حالات تتدهور بسبب قوائم الانتظار، فطلبنا مقابلة سمو الأمير محمد رحمه الله، وطرحنا عليه الفكرة”.
وافق الأمير فورًا وشكّل لجنة ضمت ممثلين من وزارة الصحة، وأرامكو، والمستشفى الجامعي، لكن التجاوب لم يكن بالمستوى المطلوب.
“مع الوقت، انسحبوا كل الأعضاء، وبقيت الجامعة فقط، فاستأذنا الأمير نتحرك بشكل مباشر”.
وبالفعل، توجه الفريق إلى المستشفى الخليجي التخصصي السابق، وكان وقتها مغلقًا ومهجورًا. وقاد أحد الأطباء المخلصين – الذي وصفه التركي بـ”الرجل الشهم والكفء” – عمليات التأهيل.
وبعد لقاء آخر مع الأمير، جاءت الموافقة الحاسمة:
“قال لي: أعطني أسبوع، وفعلاً بعد أسبوع اتصل علي وقال: جهزنا لك ٧٠ سرير”.
وتابع التركي بفخر:
“سلمونا جناح متكامل. حتى الدكتور نفسه، لما شافني، قال لي أنت عطيتني سريرين، بس أنا جهزت لك سبعين… غمرتني بلطفك”.
ولم يتوقف الدعم عند ذلك، بل تم شراء أول سيارة ماموغرام متنقلة، لتمكين فحص النساء في المناطق الطرفية، وهي مبادرة غير مسبوقة في وقتها.
*علاقة الشيخ عبدالعزيز بسمو الأمير سعود بن نايف حفظه الله*
وفي سياق الحديث عن الدعم الرسمي، امتدحت الحلقة العلاقة الوثيقة التي تربط الشيخ عبدالعزيز التركي بسمو الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية الحالي، قائلًا:”سمو الأمير رجل راقٍ، وعلاقتي فيه علاقة صداقة ومحبة واهتمام مستمر. كان معنا في أغلب المشاريع، وداعمًا دائمًا لها”.
وذكر التركي أن الأمير كان نائبًا حين أطلقوا مبادرتين نوعيتين هما:
سياحة الشرقية: مبادرة سبقت كل الأطروحات حول الترويج للمنطقة الشرقية كوجهة سياحية.
لجنة أصدقاء المعاقين: لدعم ذوي الإعاقة وتسهيل اندماجهم المجتمعي.
وسلط الضوء على الواقع المؤلم لذوي الإعاقة سابقًا، قائلاً:”كنا نشوفهم في الدار ما يطلعون، لا أحد يوديهم، ولا أحد يجيبهم. بعضهم ما عنده كرسي، وبعضهم عنده كرسي بس ما يقدر يطلع للرصيف، لأن ما فيه رامب… مافيه مواقف مخصصة، ولا مرافق مناسبة”.
لكن جهود الحملة أثمرت، وشهدت المنطقة تحسنًا تدريجيًا بالتنسيق مع الأمانة والمرور، وتم تخصيص مواقف لذوي الإعاقة، وتعديل الأرصفة، وإصدار بطاقات مواقف خاصة.
*ديوانية الأطباء… منصة استمرت 12 عامًا من الحوار والتأثير*
وعن مبادرته الثقافية “ديوانية الأطباء”، قال التركي:”هي ليست مجرد جلسة، بل ملتقى علمي وإنساني مستمر، له أكثر من 12 سنة. واللي يميّزها إننا ما نجيب أي ضيف… كل شخص يستضاف يكون رمز في مجاله”.
وأضاف:”سواء كان طبيب أو طبيبة، أو حتى ضيوف من خارج المملكة، كلهم كانوا بارزين في حقلهم، والحوار دائمًا كان مثمر وشيّق”.
وأشاد بالمشاركين المنتظمين في الحضور، مثل الأستاذ حمود الزهراني، قائلاً:
“من الناس اللي أفتخر بوجودهم دائمًا… إنسان ملتزم، وحريص، ومثقف، ومشارك فعال”.
في الحلقة الأولى من بودكاست “الظهران”، أكد الشيخ عبدالعزيز التركي أن المنطقة الشرقية تعاني من تهميش إعلامي رغم مكانتها الاقتصادية والاجتماعية المهمة، مشيرًا إلى أن الإعلام لا يعكس تنوعها الثقافي ولا دورها الصناعي الكبير. ووجّه نقدًا صريحًا للقنوات الكبرى، مطالبًا بتغطية أوسع وأكثر إنصافًا، وخصّ وزير الإعلام سلمان الدوسري برسالة مباشرة نظرًا لكونه من أبناء المنطقة.
وفي جانب العمل الخيري، أوضح أن النية الصادقة هي أساس النجاح، محذرًا من الدخول في المجال لمجرد الظهور الاجتماعي. وأشاد بجمعيات فعالة مثل “بناء”، و”البركة”، و”إيفاء”، وأعلن دعمه لجمعية “الوداد”.
كما استعرض بدايات سباق الجري الخيري الذي أطلقه عام 1995، موضحًا أنه بدأ كمبادرة مدرسية ثم تحوّل إلى فعالية دولية مسجّلة في الاتحاد الدولي لألعاب القوى، ويركز كل عام على قضية مجتمعية مهمة، كالعقوق، أمراض الدم، التوحد، وغيرها. وأكد أن الهدف من السباق سيظل دائمًا دعم العمل الخيري وخدمة المجتمع.
فيما يواصل بودكاست “الظهران” تقديم حلقات ذات قيمة عالية، تعكس صوت المجتمع، وتسلّط الضوء على مسيرته ورجاله، بعيدًا عن الاستعراض الإعلامي السطحي.
حوار الشيخ عبدالعزيز التركي بأجزائه كشف الكثير من القصص التي لم تُروَ من قبل، وأعاد رسم خريطة علاقة الإعلام بالمجتمع في المنطقة الشرقية، تحت عنوان واضح:”من القلب إلى القلب… من الشرقية إلى الوطن”.