العمل المؤسساتي و اللجان الفاعلة و المتخصصة هي أساس النجاح ، وسنفشل إن لم نغير النهج
أحاول نقل التجربة البلجيكية إلى سورية من خلال نادي عفرين
لم تكد تنقض أيام معدودات على الإنجاز الكبير الذي حققه نادي عفرين الرياضي بتأهله إلى الدوري السوري الممتاز لكرة القدم ، حتى بدأت القصص تكبر و تكبر لتتخذ شكل المشاكل التي ظهرت للعلن حتى قبل الاحتفال الرسمي بالصعود الذي كان مقرراً بعد أيام قليلة .
و كالعادة ، فإن معظم الخلافات في الأندية السورية تبدا من الناحية المالية النابعة من الضائقة الاقتصادية التي تمر بها معظم الأندية التي لا تمتلك استثمارات ، و التي تحاول البحث عن داعمين أو محبين من أبناء ذلك النادي .
وقليلة هي الأندية التي تجد داعمين ليس لديهم مشاريع جانبية أو أهداف بعيدة من خلال الدعم المالي المقدم ، و من بين تلك الأندية نادي عفرين الذي اتكأ في الموسم الماضي على عمود صلب من أبنائه و أحد لاعبيه القدامى المقيمين في بلجيكا ، و الذي تكفل بكافة مصاريف و نفقات النادي اعتباراً من كأس الماء و الأوراق التي نظمت بها العقود ،و ليس انتهاء بشيء حتى الآن على الأقل – أو لنقل – قبل التصريح الذي خرجت به إدارة النادي الحلبي و الذي يحتوي بشكل ضمني إنهاء العلاقة بين الطرفين ، وهو ما فسره تصريح رئيس النادي أحمد مدو الذي قال ( كل الاحترام و التقدير للأخ مسعود رشيد ، لم يقصر ،و لكن الدوري الممتاز يحتاج إمكانيات كبيرة ، ونحن كمجلس إدارة سندرس العروض المقدمة لنا ، و سنختار الأفضل لمصلحة نادينا )
( الكأس الرياضية ) التقت السيد مسعود رشيد و خرجت باللقاء التالي :
– ما هي أسباب اعتذارك عن عدم المتابعة مع نادي عفرين بعد أن حققتم أهدافكم بالصعود للدوري الممتاز ؟
— لم أعتذر ، وكنت متابعاً لكل الأمور مع مجلس الإدارة ، بشكل مباشر ، وعن طريق الممثل الرسمي في حلب برقدار رشيد الذي كان مرافقاً للفريق في كل حالاته ، لكن تأخر الإدارة بالالتزام بتقديم خطط العمل ، والاستراتيجية الواضحة للموسم القادم ، هو ما عرقل وصولنا للتفاهم قبل الانطلاقة هذا الموسم .
لقد وقعنا في مطبات و أخطاء كبيرة في الموسم الفائت ، وتم تجاوزها بوقوف الجميع معاً ، لكن في الدوري الممتاز ، الامر يختلف كثيراً ، ويجب ألا تتجاوز نسبة الخطأ عن 10 % من مجمل تطبيق الخطط الاستراتيجية الموضوعة ، إن كانت قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأمد .
و لذلك طلبت من مجلس الإدارة الاجتماع و الإسراع بترميم المجلس بأعضاء فاعلين ،و تشكيل لجان فنية و إدارية و مالية و اجتماعية ، تكون مسؤولة امام مجلس الإدارة ، ومن ثم تقديم خطة عمل متكاملة للموسم القادم ، ليتم من خلالها جدولة العقود و الصرفيات وفق الخطة الجديدة ، لكن كل هذه الأمور لم تتم ، و فوجئت باتصال من اجتماع مجلس الإدارة يطلبون فيه مني تحديد المبلغ الذي سأقدمه للموسم الجديد ، و حين طلبت منهم تنفيذ الاتفاق و العمل بطريقة احترافية تناسب الدوري الممتاز ، وجدت الجواب الذي نشروه على صفحة النادي الرسمية .
– الإدارة العفرينية بدأت بتشكيل اللجان ، و أصدرت قرار اللجنة الفنية للتعاقد مع مدرب و لاعبين للموسم القادم ، ألا يعتبر هذا الامر تنفيذا للاتفاق الذي حصل بينكم ؟
— هذه اللجنة غير منطقية و غير مناسبة للمرحلة الجديدة ، أنا قريب جداً من الأندية المحترفة و حتى الهاوية في بلجيكا ، و مطلع تمام الاطلاع على طريقة العمل و النهج العام لها ، ولذلك فإن مجلس الإدارة يجب الا يكون في اللجان المشكلة ، فهو يشكل اللجان من الخبرات الموجودة ، أو يستقدم خبرات من خارج النادي، لتقديم الرؤى و الحلول لتطوير العمل ، و من ثم تقدم هذه اللجان مقترحاتها لمجلس الإدارة ، ليتم الاتفاق عليها ، ومن ثم ، ومع نهاية كل مرحلة ، تمثل هذه اللجان أمام مجلس الإدارة لتقييم العمل و نسب الإنجاز .
اللجنة كانت برئاسة رئيس النادي و عضوية أعضاء مجلس الإدارة ، فمن سيحاسب أو يقيم عمل اللجنة في نهاية المرحلة ؟ هذا خطأ استراتيجي كبير ، فالنجاح يبدأ من تحديد المهام و إسنادها إلى الأشخاص المناسبين ، حتى أن أحد أعضاء اللجنة لم يتم استدعاؤه في الاجتماع الأول، حتى انهم لم يضعوا اسم برقدار رشيد، فاستدركوه لاحقا خارج الاعلان الرسمي.
الإدارة القوية و الناجحة تضع الخطوط العريضة ، وتسمي اللجان التي تضع الخطط المتوسطة و القصيرة و تحدد التفاصيل .
– تتحدث عن اللجنة و عن عملها ، أليست هي نفسها التي صعدت بالفريق إلى الدوري الممتاز ؟
— صحيح ، الأشخاص هم أنفسهم كانوا موجودين ، و نحن نقدر عملهم جيداً ، لكن العمل في الدوري الممتاز يختلف تماماً عن الدرجة الأولى ، لو عدنا قليلاً للموسم الفائت ونظرنا بدقة للتعاقدات ، لعرفتم عن ماذا أتكلم ، أكثر من 10 تعاقدات لم يكن لها لزوم ، ولم يستفد منها المدربون و الكثير من اللاعيين لم يلعبوا إلا لدقائق معدودة و منهم من لم يشارك ، حراسة المرمى لم تكن بخير ، ولو غاب الحارس الأول ، لا يستطيع الحارسان الأخران ملء المكان، هل يناسب احد الحراس الدوري الممتاز؟ ، كم عدد اللاعبين الذين يمكن الاستفادة منهم بشكل جدي في الموسم الجديد ؟ هم معدودون على أصابع اليد الواحدة ربما .
وهذا العمل لا يصلح للدوري الممتاز ، و لذلك على الإدارة استقدام الخبرات المناسبة ، و الاستفادة منها .
– السيد أحمد مدو رئيس نادي عفرين قال في تصريح سابق له بأن الدوري الممتاز يحتاج إلى 700 مليون ليرة على الأقل ، و أظهر من تصريحه الأخير بأنك غير قادر على تحمل هذا العبء .كم بلغت تكلفة الموسم الماضي ؟ و هل أنت قادر على تحمل كلفة الموسم الجديد ؟
— الموسم الماضي تحملت كل التكاليف ووصلت بحدود 70 مليون تم تنظيمها بشكل دقيق من قبل ممثلي في النادي برقدار رشيد وفق جداول رسمية ، لم اتأخر برواتب اللاعبين ومقدماتهم يوماً واحداً ، كانت الإقامة و الإطعام و النقل للفريق من مستوى الخمسة نجوم ، وهو مالم يحدث لاندية الدوري الممتاز .
هذا الموسم طلبت منهم ترميم الإدارة كخطوة أولى لمناقشة الخطط الموضوعة و الرؤية الجديدة للموسم الجديد ، و ماهي التكاليف المقترحة و المتناسبة مع الهدف المطلوب ( البقاء في الممتاز ، المنافسة على اللقب ، البقاء ضمن أندية الوسط ) فلكل غاية تكلفة ، وكنت أضع في حساباتي الأولية من خلال دراسة مبدئية أعددتها مع ممثلي في حلب للكلفة التقديرية للبقاء في الممتاز بحدود 300 مليون ليرة ، ووضعت مقابلها ضعف المبلغ تقريباً للخطوة الأعلى ، و للبناء و الاستثمار في القواعد .
و طلبت من الإدارة تشكيل لجنة مالية برئاستي وتضم عضواً من مجلس الإدارة و محاسبا تعينه الإدارة ، بالإضافة إلى برقدار رشيد الذي يقوم مقامي في سورية ، يتم من خلالها تنسيق كل المصاريف و دفعات العقود و الرواتب ، و الكلف و ما إلى هنالك ، فانا شخص أدير أعمالاً ناجحة في أوروبا ،و لا أحب الفشل ، وأعرف أن النجاح يبدأ من خلال توزيع المهام و المسؤوليات و العمل المؤسساتي و المحاسبة .
و ان الاستثمار الصحيح و المنضبط للنفقات و الصرفيات يقدم افضل النتائج و يؤدي الى النجاح حتما.
– لماذا لا تبتعد عن النادي ؟ و تكتفي بما حققته في السابق طالما أن الإدارة قدمت لك الشكر و قدرت عملك ؟
— العمل في نادي عفرين هو مشروع وطني ، و ليس مشروع شخصي ، فالنادي يمثل جزءاً مهماً من عقيدتنا الوطنية في سورية ، فدعم النادي و أهالي منطقة عفرين أمر رضعناه من امهاتنا ، ولكم أن تعودوا بالذاكرة إلى ما قبل الازمة السورية ، و المبالغ المالية الضخمة التي كان يقدمها أبناء المنطقة لدعم ناديهم و أخوتهم .
نحن لا نستطيع التخلي عن النادي و عن طموحنا بان يكون في مصاف أندية المقدمة ، ومنافساً دائماً على الألقاب ، و أن يستوعب كل أبناء المنطقة و أهالي عفرين ، و أن نستثمر جهودهم وخبرتهم فيه لتطوير و تنمية مواهب أبنائنا .
فانت لا تستطيع ان تنزع محبة النادي من قلوب أبناء منطقة عفرين .
تصور أن المغتربين في أوروبا يدفعون مبالغ كبيرة تصل إلى 200 ألف ليرة سورية للحصول على قميص يحمل اسم نادي عفرين يصلهم من الداخل ، رغم أنه غير رسمي و غير معتمد من الإدارة ، ولكن محبتهم تدفعهم إلى ذلك .
نحن نحتاج للنجاح في النادي ، وأن نستمر في الممتاز ، و أن لا نعيد سيرة الإخفاقات الماضية و الهبوط السريع ، نريد نادياً قوياً مبنياً على أسس سليمة وفق خطط موضوعية وبناءة ، و أن نسعى للاستثمار في أبناء نادينا ، كي نعتمد على أبناء النادي بشكل كامل في المواسم السابقة من خلال بناء القواعد و تنمية الخامات من أبناء المنطقة .
– ما هي الرسالة التي توجهها إلى محبي و عشاق نادي عفرين في سورية و العالم ؟
— ادعو في البداية القيادة السياسية و الرياضية في حلب لدراسة وضع النادي ، وترميم مجلس الإدارة بأشخاص فاعلين ، و لدعم مشروعي في بناء القاعدة السليمة للنادي من خلال إرساء قواعد العمل المؤسساتي و ترسيخ بنية العمل الجماعي المرتكز على خطط سليمة وناجحة، و أدعوهم أيضاً لدعم النادي بضرورة تخصيص قطعة أرض للانطلاق منها لتأسيس القاعدة العفرينية السليمة ريثما تعود لنا عفرين .
وأوجه رسالة للإدارة و اللاعبين بانني موجود معكم ، ووجودي و حديثي أعلاه انطلق من محبتي و غيرتي على النادي ، و أنتم تعلمون جيداً بانني لم اٌقصر ، وبأنني أسست لمرحلة جديدة ، ولنظام عمل مميز جعل الجميع يخرجون أفضل ما عندهم عندما نظمت لهم العمل المالي و تفرغوا للعمل الفني فكانت النتيجة النجاح .
و رسالتي الأخيرة لأبناء نادي عفرين ، بأنني مستمر معكم لانني فرد من أبناء المنطقة ، ويهمني جداً ان أرى أبنائي و أبناءكم يمثلون المنتخبات السورية و يحترفون في أفضل الدوريات انطلاقاً من نادي عفرين الذي نرغب أن يكون من فرق المقدمة دائماً .
