الكرة العربية

مونديال قطر والتأثير الاجتماعي

 

 

الكأس – نعمان عبد الغني

نجحت قطر في أن تهيّئ كلّ الظروف لتحويل تحدي اقامة المونديال إلى فرصة لتقديم بطولة استثنائيّة، فعلى امتداد أكثر من عشر سنوات، عمل القطريّون على أن تكون الاستدامة هدفاً من أهداف الحدث، سواء عبر طريقة تصميم الملاعب، أو تطوير البنية التحتية، فصمّمت الملاعب لتعكس الهويّة الوطنيّة من دون تجاهل أحدث التقنيات المتاحة عالمياً، فمثلاً استاد الثمامة على شكل القحفيّة القطريّة، واستاد البيت مستوحى من بيت الشَعر “الخيمة”، والملاعب لها دلالات ثقافيّة محلية وعربيّة أيضاً، ما يمنح عشّاق كرة القدم في سائر أنحاء العالم معلومات عن بعض معالم الثقافة القطريّة والعربيّة، لأنّ كأس العالم يمنح الفرصة لاكتشاف الصّورة الحقيقيّة للإنسان العربي بعيدًا عن الأفكار المُسبقة، والمعلومات المغلوطة المبنية على الشائعات وليس الحقائق. ستتحوّل قطر إلى قلب الأحداث خلال كأس العالم، ليبصر العالم مدى التقدّم الذي يُمكن أن تُحصّله دولة عربيّة مسلمة آمنت بأنّ عروبتها ودينها من مقوّمات التقدّم، ولذلك فالرّصيد الثقافي والمعرفي الذي سنجنيه من هذا الحدث كبير جداً، ويُعدُّ كنزاً يُضافُ إلى ثرواتنا التي نباهي بها الأمم.

من حقّ البعض أن يبدي تخوّفات تُجاه أيّ شيء جديد، فتلك سنّة الحياة، والشّعوب عامّة تحذر من أيّ ظواهر ثقافيّة جديدة أو وافدة، لكنّها سريعاً ما تُدرك كيفيّة التعامل معها، وفي تجارب كأس العالم السابقة، عاشت الشّعوب التي استقبلت الحدث أنواعا من التخوفات والمحاذير التي تنطلق من رغبة الشّعب في حماية ثقافته، وعدم التفريط في خصوصيّته، وأعتقد أنّ المجتمع القطري قادر على حماية نفسه ومكتسباته من أيّ تأثير سلبي ممكن، ومن أيّ مظاهر قد تُخلّ بمدوّنة القيم المشتركة التي تعرفها البشريّة، لأنّ تلك المظاهر قد تصدر بشكل أحادي عن أفرادٍ، والمجتمع القطري متماسك، وكيانه الاجتماعي متين أخلاقياً وثقافياً، لذا فلا داعي للمبالغة في الحديث عن تأثيرات سلبيّة. الثقافة القطريّة صمدت على مرّ العقود أمام آثار العولمة، ومحاولات التنميط الثقافية، واستطاعت أن تبني لنفسها مناعة كافية بفضل تشبّثها بتقاليدها وعاداتها وتراثها الفكري الذي تشترك فيه مع الثقافة العربيّة، كما عرفت كيف تتعامل مع الثقافات الأخرى عبر بناء الجسور والتّسامح، وهذه السمات بمثابة قيم ثقافيّة يعتزّ بها كل قطري، ولا أرى لهذه التحذيرات من موجب، فلا خوف على ثقافةٍ تؤمن بمكتسباتها، وتعامل الآخر بندية، إنّما الخوف إذا كانت الثقافة تابعة، فيكون ذلك من عوامل تخلخل البنية الثقافية للمجتمع، ولكنّنا نحمد اللّه أنّ المجتمع القطري لديه حصانته المعرفيّة وأمنه الثقافي

إدارة الموقع

نبذة عن ادارة الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com