جاسم العزاوي يكتب “تخبطات وأخطاء فنية تجرد المنتخب العراقي من لقبه الخليجي”
![](https://al-kas.com/wp-content/uploads/2024/12/IMG-20241230-WA0053-780x470.jpg)
لا بد من التسليم أولاً بأن بطولة الخليج هي بطولة استثنائية، ومبارياتها لا تخضع لمحددات معينة. فهي تعطي آمالاً وفسحة من الراحة للجماهير العاشقة لمنتخباتها، التي تميل طرباً مع الإيقاعات والألوان المحفزة وتنتشي حد الوله عند تسجيل الأهداف وتحقيق الفوز في المباريات التنافسية. مما يساعد في ارتقاء مستويات اللاعبين، وبالتالي تعود بالفائدة على جميع المنتخبات المشاركة. كما تسعد اللقاءات والتجمعات كافة أبناء الخليج، حيث الكل فائز ولا خاسر فيها.
ونظراً لأهمية البطولة وطبيعة المنافسة، يجد المتابع صعوبة في التنبؤ بما ستؤول إليه نتائج بعض المباريات، التي لا تخضع أحياناً لحدود المنطق. ما زالت بطولة الخليج تحتفظ بأسرارها وتقدم دروساً مجانية للجميع.
لم تكن مشاركة المنتخب العراقي، بطل النسخة السابقة في خليجي 25 بالبصرة، سهلة وهو يلاعب منتخبات متحفزة تنتظر نصيبها من الألق والتألق، حتى وإن كان على حساب حامل اللقب.
ورغم الآمال الكبيرة والتطلعات للحفاظ على اللقب الخليجي، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي سفن المنتخب العراقي. فقد تعرض لهزيمتين قاسيتين أمام البحرين والسعودية، ليودع البطولة من الباب الواسع!
ولو نظرنا إلى أسباب تواضع المستوى الذي ظهر به المنتخب العراقي في البطولة، لا سيما في مباراتيه أمام البحرين والسعودية، فإننا لا نجهد أنفسنا كثيراً لوضوح ذلك جلياً. فالخط البياني للمنتخب العراقي لم يكن تصاعدياً حتى قبل معسكره التحضيري للبطولة في الدوحة. وكان من الضروري التحرك السريع ومعالجة أمر مهم، يتمثل في عدم استقرار التشكيل بين مباراة وأخرى، إلى جانب عدم وضوح رؤية المدرب كاساس في انتهاج أسلوب وطريقة لعب مميزة تكشف عن هوية واضحة للمنتخب.
بات المنتخب العراقي يجهد نفسه كثيراً للبحث عن ذاته قبل التفكير في تحقيق الفوز. فهو يتقدم خطوة ويتراجع بأخرى سعياً للوقوف بثبات. وهذا الأمر أفقده التوازن في محطات الضغط، التي تتطلب تضاعف الجهد من اللاعبين للبقاء في المنافسة، فضلاً عن ضعف البناء النفسي والاستقرار الذهني. إضافة إلى تغييرات واستدعاءات مفاجئة للاعبين بمستويات متواضعة، وعدم استدعاء أبرز اللاعبين في الدوري العراقي لأسباب غير مفهومة أو مقنعة للمتابعين.
هذه الأمور تعد من أهم أسباب الخروج المبكر للمنتخب الباحث عن نفسه. وليس ذلك في خليجي الكويت فحسب، بل كان تائهاً منذ تصفيات المونديال قبل انطلاق خليجي 26. وأصبح الفوز عسيراً حتى أمام المنتخبات المتواضعة، لكون المنتخب العراقي يمر بحالة تخبط لا يمكن للمنصف إغفالها.
لا يمكن تجاوز ذلك بحجة دعم المنتخب، ولذلك كان لا بد من دفع تكاليف باهظة جراء تداعي المستوى الفني المتواضع، الذي ظهر به لاعبو المنتخب بسبب قرارات فنية مبهمة وغير مفهومة.
كما ساهمت الإصابات وعدم موافقة بعض الأندية على تفريغ لاعبيها العراقيين (لأن البطولة خارج أيام الفيفا دي) في تراجع الأداء العام للمنتخب. وفي الوقت الذي كان يفترض بالبدلاء استغلال الفرصة لإثبات أحقيتهم بارتداء قميص المنتخب، فشلوا في ذلك وأجهضوا الحلم العراقي بتكرار إنجاز خليجي 25 في البصرة.
من جانب آخر، فإن التطور والانسجام الذي بدت عليه المنتخبات المنافسة (اليمن، البحرين، والسعودية) وما قدمه لاعبوها المميزون جعل من مواجهة المنتخب العراقي أمامهم اختباراً حاسماً. وقد ارتفعت أسهم البحرين والسعودية في قطع بطاقة التأهل للدور نصف النهائي، بعدما رتبت أوراقها بعناية وتمكنت من تحييد قوة المنتخب العراقي واستغلال الثغرات في وسطه ودفاعه. وساهمت قراءة مدربيها الصحيحة في تحقيق الأرجحية، لا سيما في الشوط الثاني، بعد استغلال نقاط الضعف الفاضحة للمنتخب العراقي. وقدمت هذه المنتخبات أداءً قوياً استحقت عليه الفوز والثناء.
ألف مبارك للبحرين والسعودية حصد بطاقتي العبور للدور المقبل، بعدما قدما ما يشفع لهما لتحقيق الأرجحية في الميدان. ومبارك لليمن تقديم المستوى المميز وتحقيق الفوز الأول له في مشاركاته الخليجية. وكل التوفيق للكويت والمنتخبات الأخرى المشاركة في العرس الخليجي الجميل.