مقالات رأي

معاذ العتيبي يكتب:” تأخر الانضباط.. صناعة للإشاعات” 

 

 

في المشهد الرياضي، لا شيء يوازي أهمية الشفافية والسرعة في معالجة القضايا العدلية، خصوصًا حين ترتبط بمنافسات حساسة ومراكز مؤثرة في البطولات.

من هنا، تبرز قضية احتجاج نادي النصر على مشاركة لاعب العروبة، رافع الرويلي، كمثال حيّ على ما يمكن أن يُحدثه التأخير في إصدار الأحكام من فوضى في الشارع الرياضي، وتشكيك في نزاهة المنظومة، وخلخلة في الثقة بين الجماهير والمؤسسات الرياضية.

 

في التاسع من مارس 2025، تقدم نادي النصر باحتجاج رسمي ضد نظامية مشاركة الرويلي في مباراة جمعت بينه وبين نادي العروبة ضمن منافسات دوري روشن السعودي، والتي أقيمت في الثامن والعشرين من فبراير. جاء الاحتجاج بدعوى أن تسجيل اللاعب غير نظامي، ليبدأ بذلك فصل جديد من الترقب والانتظار، في واحدة من القضايا التي لم تكن بحاجة إلى هذا الامتداد الزمني المبالغ فيه.

 

سرعان ما أصدرت لجنة الانضباط قرارها الأول، مؤكدة على صحة تسجيل اللاعب كمحترف، ومعلنة رفضها الاحتجاج من الناحية الموضوعية، مع قبوله من الناحية الشكلية، ومصادرة رسومه لصالح الاتحاد السعودي لكرة القدم. كما أتاح القرار المجال للاستئناف، وهو ما حدث بالفعل، حيث استأنف نادي النصر القرار في 20 مارس 2025، ومنذ ذلك الحين، خيّم الصمت على القضية، وسط ترقّب جماهيري متصاعد، ونشر إشاعات بالتغالط، ورفع رتم التعصّب الرياضي نتيجةً لذلك.

 

لكن السؤال الأهم: لماذا تأخرت اللجنة في البت بالاستئناف حتى اليوم، 23 مايو 2025؟ نحن نتحدث عن قضية حساسة، لا تمس فقط نتيجة مباراة واحدة، بل تتعداها لتؤثر بشكل مباشر على شكل الترتيب النهائي لدوري روشن، وعلى حظوظ أندية كبرى مثل الهلال والنصر في التأهل إلى “نخبة دوري أبطال آسيا”، حيث تُخصص المقاعد حسب الترتيب العام، وسط منافسة محتدمة على المركزين الثاني والثالث.

 

ومع هذا التأخر، انفجرت الساحة الرياضية بتصريحات متباينة، وتحليلات متناقضة، ومغالطات جماهيرية، وإشاعات مُكثفّه ولا اعتبرها صِنعت الا من لجنة الانضباط مع عكسها حالة من القلق المشروع، والآن على القرارين سواءً برفض الاحتجاج او قبوله فهي ستحمل في طياتها اتهامات بلا إدانات بغياب الحياد والشفافية والنزاهة. جماهير النصر ترى في التأخير محاولة لتمييع قضيتها، في حين ترى جماهير الهلال أن أي قرار لاحق قد يكون منحازًا نتيجة الضغط الإعلامي. وبين هذا وذاك، ارتبطت سرعة القرار الفنّي من اللجنة بالشفافية وعلى ذلك قد تفتقد اللجنة شفافيتها نظير التأخير.

 

من المؤسف أن قضية فنية وإدارية بحتة، لم تكن معقدة في تفاصيلها، تتحول إلى مادة خلافية ساخنة، فقط لأن اللجنة لم تصدر قرارها النهائي في وقت مناسب وليس لها ردود تجاه الشائعات ولا وجود لأيّ عُنصر لمكافحتها. هذا التأخير لا يُضعف فقط مصداقية لجنة الانضباط، بل ينعكس أيضًا على صورة الدوري أمام المجتمع الرياضي العالمي، خاصة أن دوري روشن بات يحظى بمتابعة دولية واسعة، بعد التطور التي شهده من حيث النجوم العالميين والاستثمارات الضخمة ورفع رغبة الجماهير العالمية.

 

إن المشاهد الخارجي، سواء كان مستثمرًا أو لاعبًا محترفًا او مُشاهداً، حين يرى قضية خلفها نهائيات مُهمة و تأخذ هذا الوقت دون مبررات معلنة، سيُعيد النظر في جدية وعدالة البيئة الرياضية التي يُفكر في أن ينضم إليها أو يشجّع فيها. وهذا بحد ذاته خسارة لا تُقاس فقط بنقاط ثلاث في جدول الترتيب، بل بثقة استراتيجية يجب أن تُبنى لا تُهدَم.

 

في الختام، إن سرعة الفصل في القضايا، خصوصًا المفصلية منها، ليست ترفًا إداريًا، بل مبدأ أساسي من مبادئ الحوكمة والعدالة الرياضية. وتأخر لجنة الانضباط في قضية النصر والعروبة يُعد إخفاقًا في هذا الجانب، ومطلوب منها اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن تُعيد ضبط البوصلة، وتُصدر حكمها النهائي، لا لإنصاف طرف على حساب آخر، بل لإنصاف الحقيقة، ورفع جودة اللجنة فنياً وإنقاذ ما تبقى من ثقة الجماهير في لجان العدالة الرياضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com