مقالات رأي

إبراهيم البارقي يكتب:” طارت البطولات يا نصر”

 

استمرار الفشل ينافي عقيدة الطموح مهما كانت الأحوال، وعلينا أن نكون أكثر صراحة حول ما يعيشه نادي النصر اليوم، الذي يعد أحد أهم أركان المشروع الرياضي الكبير، لما يمتلكه من تاريخ رياضي وتأثير مباشر في الحركة الرياضية السعودية.

ما يمر به العالمي بكل بساطة هو حالة من التخبط والانهيار على مستوى الفريق الأول، حتى أصبح حديث الشارع الرياضي، يتردد بين خيبة الأمل واللامبالاة، وما يحز في الخاطر أن هذه العاصفة المدوية تهز أركان كيان طالما اعتُبر أحد أقطاب كرة القدم في المملكة العربية السعودية، وصاحب أولويات يحتفظ بها التاريخ.

 

في الوقت الذي أعلن فيه عن بداية مشروع الخصخصة عن طريق صندوق الاستثمارات، كانت الجماهير تترقب ظهور حقبة جديدة بمفهوم رياضي مختلف تماماً، برؤية تواكب نظرة الدولة – حفظها الله – في أن يكون لدينا دوري ضمن أقوى 5 دوريات عالمية، واستبشر أنصار وجماهير الأندية بهذا القرار الحضاري التطويري.

 

كانت الجماهير النصراوية تتأمل في صناعة فريق يُعيد مجده التليد، تماشياً مع الرؤية الرياضية في وطننا الغالي، ولكن جاءت الصدمة بأن المؤشرات مخيفة، تجسد مستوى متدني لفريقها، وهزائم متلاحقة، وابتعاد غير متوقع عن البطولات، من خلال أداء فني غاب عنه التفوق، وكأن الفريق بمثابة جثة هامدة بلا هوية، مدفوعة فقط بذكريات الألقاب التي مضت.

 

ما حدث لنادي النصر، وأخص فريق كرة القدم الأول، يُصنف إلى ثلاثة محاور: عمل إداري بمختلف تفرعاته، وعمل فني يتمثل في المدرب والأجهزة المساعدة، وعمل لاعبين يتمثل في الجودة وقلة العطاء والخذلان.

 

نبدأ أولاً بإدارة النادي، التي يقف على رأسها ماجد الجمعان في منصب المدير التنفيذي، الذي عُرف سابقاً كلاعب في النادي، يواجه اليوم تحديات إدارية لا حصر لها، بدءاً من سياسة التعاقدات وصولاً إلى إدارة الفريق على صعيد المعنويات والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، مما يثير التساؤل: هل يمتلك الجمعان، بخلفيته الرياضية، القدرة على تحويل هذه الخبرة إلى نجاحات ملموسة داخل الإدارة؟ واحتواء الأزمة القائمة بسبب النتائج السلبية وفقدان فرصة التتويج بأي لقب في هذا الموسم.

 

الإدارة الحالية، كونها مرتكزاً أساسياً لجلب النجاحات، وبالنظر إلى الحالة السائدة، يتضح عليها التيه ولا تعلم إلى أين تسير، تتكرر تصريحاتها عن البناء والتخطيط للمستقبل، ولكن الواقع يكشف أن هذه الكلمات يمكن تصنيفها كمسكنات سرعان ما تختفي أمام تقلبات الأداء وغياب الرؤية الحقيقية.

 

أما بالنسبة للاعبين، فهناك أسماء بارزة عالمياً في تشكيلة الفريق، ولكن في أوقات الحسم تتحول هذه الأسماء إلى أسماء فارغة، غير قادرة على تقديم الحلول أو صناعة الفارق، وإن اتفقنا على سوء عمل المدرب الإيطالي، كان يُنتظر من تلك الأسماء إنقاذ الفريق من عثراته الفنية، ولكن للأسف غاب كل شيء مع غياب القائد داخل أرضية الملعب، أرقام جيدة لبعض هؤلاء اللاعبين تتحول إلى شبح في اللحظات التي تتطلب الحسم.

 

وامتداداً للمحورين السابقين، يأتي الحديث عن السيد بيولي، المدرب قليل الإنجازات والسيرة الرياضية المقنعة، بعد أن لفظته ملاعب أوروبا، هو أحد أبرز نقاط الانهيار والفشل المستمر.

المدرب الذي جاء بلا ترحيب، لم يقدم أي جديد، وأصبح جزءاً من العوائق التي يواجهها الفريق في الجوانب التكتيكية والفنية.

مدرب ليس له القدرة على إعادة الفريق إلى المسار الصحيح، وليس له استراتيجية واضحة، ولم يتمكن من صناعة هوية للفريق.

 

المشكلة الكبرى تكمن في أن جمهور النصر، الذي يُعتبر الأوفى والأكثر دعماً في الساحة الرياضية، بدأ يشعر بالإحباط المتزايد، وهو يردد: تتكرر نفس الوعود في كل موسم، ولا تجد طريقها إلى أرض الواقع.

 

الحلم النصراوي بات ذكرى بعيدة في ظل هذا الاستمرار السلبي، ويركض خلف سراب من البطولات التي لن تأتي، إلا إذا كانت هناك تغييرات جذرية فعلية، والمطالبة بها صراحة من الصندوق الذي استحوذ على الأندية الأربعة الكبار، استفاد جميعها إلا النصر، أو سيبقى الحال كما هو عليه، خيال يهرب كلما اقتربت منه أحلام عشاق اللون الأصفر، ليبقى العنوان المتكرر مع كل موسم:

 

“طارت البطولات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com